الرأي في محمّد بن عبد الله المسمعي راوي هذا الحديث ، وإنّما أخرجت هذا الحديث في هذا الكتاب ؛ لأنّه كان في كتاب الرحمة ، وقد قرأته عليه ، فلم ينكره ورواه لي ، انتهى.
وهذا يدلّ على قبول الرواية عن ضعيف ، اذا لم ينكر شيخه ورواه لتلميذه وهو مثل الصدوق ومن تتبع كلمات المحدّثين والرجاليّين يقف على جملات عديدة من قبيل عدم العمل بروايات فلان ضعيف ، إذا انفرد بها مطلقا أو إذا انفرد فلان عن فلان ، وإنّ فلانا يروى عن فلان وفلان ، يروي عن الضعفاء إذا خلت رواياتهم عن التخليط والغلوّ والتدليس ونحو ذلك ، كما ينقل عن ابن الوليد شيخ الصدوق رحمهماالله.
كلّ ذلك يدلّ على عدم انحصار التّصحيح بوثاقة الرّواة فقط ، بل لهم قرائن ومعايير أخرى في قبول الحديث ورده.
وبالجملة الرّواة المجهولون والضعفاء كثيرون في الرّوايات ، ولعلّهم أكثر بكثير من الثقات (١) وليس بناء المحدثين على ردّ الإخبار الكثيرة ، لأجل جهالة واحد أو اثنين من الرّواة ، كما هو المعلوم من مجموع الكلمات ، وعليه فلا بدّ أن يكون لهم سبلا غير وثاقة الرّواة ، ومع ذلك لا معنى للحمل على الحس.
وأمّا كلام سيّدنا الأستاذ ، فقد مرّ نقده في البحث الرابع مفصّلا ، والله أعلم.
ثمّ إنّ السّيد السيستاني (طال عمره) قال في كتابه قاعدة لا ضرر ولا ضرار (٢) : إنّ كتاب من لا يحضره الفقيه كتاب فقهي في الأساس ، يتصمّن الفتوى بمتون الأحاديث ، فلا يلزم في مثله مراعاة نقل الحديث بتمامه إذا كان بعض فقراته لا يرتبط بما هو مقصود المؤلّف. انتهى.
نقد وتوضيح :
تقدّم في البحث الثّاني برقم : ١١ ، ادّعاء بعضهم إنّ من إليه طريق للشيخ الصدوق من الممدوحين ، واجبنا عنه هناك.
ونزيد هنا أنّ جماعة ممّن روي عنهم الصدوق في مشيخة الفقه من الضعفاء ، كأحمد بن هلال الّذي نقل جرحه في كمال الدين عن مشائخنا ، والسكوني الّذي ضعّفه في ميراث المجوسي ، ووهب بن وهب وسماعة بن مهران ، الّذي قال في حقّه أنّه لا يعمل بما ينفرد هو به لكونه واقفيا.
__________________
(١) خصوصا ان صحّة الخبر بصدق تمام رواته وعدم اعتباره بجهالة واحد منهم أو ضعفه.
(٢) قاعدة لا ضرر ولا ضرار : ٥٨.