على الحسّ ، ونتيجة ذلك حمل مراسيل العلماء على الحسّ ، فتكون حجّة.
يقول السّيد الأستاذ الخويي رحمهالله في مقام الجواب عن إرسال التّوثيقات الصادرة من الشّيخ والنجّاشي وأمثالها ، كما مرّ تفصيله في البحث الرابع :
فإنّ قيل : إن أخبارهم عن الوثاقة والحس لعلّه منشأ من الحدس والاجتهاد وإعمال النظر فلا تشمله أدلة حجيّة خبر الثّقة ، فإنّها لا تشمل الإخبار الحدسية فإذا احتمل أنّ الخبر حدّسي كانت الشّبهة مصداقيّة.
قلنا : إنّ هذا الاحتمال لا يعتني به بعد قيام السيرة على حجيّة خبر الثّقة فيما لم يعلم أنّه نشأ من الحدس ، ولا ريب في أن احتمال الحسّ في أخبارهم ، ولو من جهة نقل كابر ، عن كابر وثقة ، عن ثقة موجود وجدانا كيف؟
وقد كان تأليف كتب الفهارس والتراجم لتمييز الصحيح من السّقيم أمرا متعارفا عندهم ، وقد وصلتنا جملة من ذلك ، ولم تصلنا جملة أخرى :
وقد بلغ عدد الكتب الرجاليّة من زمن الحسن بن محبوب إلى زمان الشّيخ نيفا ومائة كتاب على ما يظهر من النجّاشي والشّيخ وغيرهما ، وقد جمع ذلك البحاثة الشّهير المعاصر الشّيخ آغا بزرك الطهراني في كتابه مصفي المقال ... وبهذا يظهر أنّ مناقشة الشّيخ الطريحي فخر الدين في مشتركاته : إنّ توثيقات النجّاشي أو الشّيخ يحتمل أنّها مبنية على الحدس فلا يعتمد على الإرسال عليها في غير محلّها.
انتهى كلام السّيد الأستاذ رحمهالله. (١)
أقول : هذا القول لا بأس به ؛ ولذا نقبل المسندات إذا روي ثقة عن ثقة عن الامام عليهالسلام إذا لم تقم قرينة على إعمال الحدّس من بعضهم ؛ ولأجل هذه القرينة لم نقبل أخبار الشّيخ الطوسي رحمهالله بأنّ ابن أبي عمير وجمع آخرون لا يرسلون إلّا عن ثقة ، كما مرّ ، لكن بناء القدماء في تصحيح الرّوايات لم تكن على مجرّد إخبار الثّقة فقط ، بل عليه وعلى الخبر الموثوق به لأجل قرائن اجتهاديّة حدسيّة ، وعليه لا وجه لحمل مرسلاتهم ، ومنها مراسيل الصدوق (١) على الحس.
يقول الصدوق في محكي العيون (٢) حول رواية : كان شيخنا محمّد بن الوليد ... سيء
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١ / ٤١ ـ ٤٢ ، الطبعة الخامسة.
(٢) العيون : ٢ / ٢٠ ـ ٢١.