وقد ذهبت فهارس الشّيوخ بذهاب كتبهم ولم يبق منها الآن إلّا القليل ، كمشيخة الصدوق ، وفهرست الشّيخ الجليل أبي غالب الزراري ، ويعلم طريق الشّيخ منهما بوصل طريقه إليهما بطريقهما إلى المصنّفين.
وقد يعلم ذلك من كتاب النجّاشي فإنّه كان معاصرا للشيخ مشاركا له في أكثر المشائخ ، كالمفيد والحسين بن عبيد الله ، وأحمد بن عبدون وغيرهم ، فإذا علم روايته للأصل أو الكتاب بتوسط أحدهم ، كان ذلك طريقا للشيخ الخ.
أقول : إنّما يتمّ ما أفاده إذا حصل الاطمئنان بنقل الشّيخ الرّواية بالطريق المعتبر المذكور في مشيخة الفقيه ، أو فهرست الزّراري ، أو كتاب رجال النجّاشي (١) وإلّا فلا نافي لاحتمال نقل الشّيخ لها بطريق ضعيف ولا سيّما إنّ ظاهر كلامه في آخر مشيخة التهذيب عدم نقله الرّوايات بغير ما في الفهرست ، حيث قال فيه :
|
وقد ذكرنا نحن مستوفى في كتاب الفهرست الشّيعة. ومحلّ الاستظهار كلمة (مستوفى) كما هو واضح ، فتأمّل. (٢) |
وقال العلّامة المجلسي قدّس سره في محكي أربعينه (٣) : إنّ الشّيخ يروي جميع كتب الصدوق ورواياته بأسانيده المعتبرة ، كما صرّح في فهرسته ـ في ترجمة الصدوق ـ فكلّما روي الشّيخ خبرا من بعض الاصول الّتي ذكرها الصدوق في فهرسته (٤) بسند صحيح ، فسنده إلى هذا الأصل صحيح وإن لم يذكر في الفهرست سندا صحيحا إليه ، وهذا أيضا باب غامض دقيق ينفع في الإخبار الّتي لم تصل إلينا من مؤلّفات الصدوق ... الخ.
أقول : صحّة طريق الشّيخ إلى الصدوق وصحة طريق الصدوق قدّس سره إلى أصل ، أو كتاب أو أحد لا تنفع لتصحيح رواية الشّيخ عن الأصل ، أو الكتاب أو الشّخص المذكور ، إذا كان طريقه إليه ضعيفا ، لاحتمال تفاوت متنها مع متن الرّواية المرويّة بطريق الصدوق على فرض وصولها إلينا ، وهذا الاحتمال لا دافع له سوى وجود الرّواية بطريق الصدوق ، وموافقتها مع هذه الرّواية في المتن.
__________________
(١) مرّ أن الأنسب تسميته بفهرس النجّاشي دون رجاله.
(٢) وجهه عدم المنافاة بينه وبين نفي الشّيخ ضمان الاستيفاء في أوّل فهرسته ، فإنّه بالنّسبة إلى ما لم يعرفه ، الشّيخ من الطرق دون ما يعرفه. لكن سيأتي في بحث مستقلّ أن تصحيح أسناد التهذيبين ، لا يمكن بأسناد الفهرست ، فضلا عن غيره ، ولا بدّ من الاختصار على المشيخة.
(٣) في ذيل الحديث الخامس والثلاثين على ما في قوانين الاصول : ٢ / ٢٨٣.
(٤) لعلّه أراد بها مشيخة الفقيه.