ومعه لا نحتاج إلى تصحيحها ، نعم ، إذا حصل لنا الاطمئنان بأنّ الشّيخ نقل الرّواية بذاك الطريق نفسه تكون الرّواية معتبرة ، لكن الاطمئنان غير حاصل.
وسيأتي بقيّة الكلام في هذا الموضوع في البحث الرابع والأربعين إن شاء الله ، كما سنذكر في بيان طرق مشيخة التهذيب ما له نفع في المقام.
وهنا أمر آخر : وهو أنّه لم يثبت أنّ الصدوق نقل أحاديث الفقيه عن كتب من يبدأ الأحاديث بأساميهم ، والظاهر أنّه قد ينقل عن كتبهم ، وقد ينقل عن كتب غيرهم ، والشّيخ نقلها في تهذيبه عن الاصول والمصنّفات ، كما ذكره في المشيخة فلا يصحّ الحكم بصحّة طريق الشّيخ ؛ لأجل صحّة طريق الصدوق ، كما ذكرنا في البحث عن صحّة طريق الصدوق إلى جميل بن درّاج في البحث التّاسع عشر.
الأمر الثّاني : قال التفرشي رحمهالله كما في جامع الرّواة :
|
اعلم أنّ الشّيخ الطوسي قدّس سره صرّح في آخر التهذيب والاستبصار بأنّ هذه الأحاديث الّتي نقلناها من هذه الجماعة أخذت من كتبهم وأصولهم. (١) |
والظاهر أنّ هذه الكتب والاصول كانت عنده معروفة ، كالكافي والتهذيب وغيرهما عندنا في زماننا هذا ، كما صرّح به الشّيخ محمّد بن علي بن بابويه رضياللهعنه في أوّل كتابه من لا يحضره الفقيه ، فعلى هذا لو قال قائل بصحّة هذه الأحاديث كلّها ، وإن كان الطريق إلى هذه الكتب والاصول ضعيفا إذا كان مصنفوا هذه الكتب والاصول وما فوقها من الرجال إلى المعصوم ثقات ، لم يكن مجازفا.
أقول : وفيه :
أوّلا : إنّ هذا الاستظهار منه ظنّ ، والظنّ لا يغني من الحقّ شيئا.
وثانيا : عبارة الشّيخ نفسه في مشيخة التهذيب تردّ هذه الدعوى ، وهي هذه : ونحن نذكر الطرق الّتي يتوصل بها إلى رواية هذه الاصول والمصنّفات على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الإخبار بذلك عن حدّ المراسيل ، وتلحقّ بباب المسندات. انتهى.
فلو كانت نسبة الكتب إلى أربابها معلومة واضحة لم يحتجّ إلى الأسناد ، ولم يضرّه الإرسال ، فتأمّل. (٢)
__________________
(١) جامع الرواة : ٢ / ٥٤٨.
(٢) وجهه أنّ ذكر الطرق ، لأجل نفي الإرسال لا ينافي اعتماد الشّيخ على صحّة تلك الكتب ، إذ الوجادة والإرسال بنفسه نوع عيب عند المحدّثين ، فالعمدة هو إحراز شهرة تلك الكتب إلى زمان الشّيخ ، ولا دليل معتبر عليه.