تحكيمه وإبرامه ودافع عنه بكلّ موهون وضعيف ، هو المحدّث الحرّ العاملي رحمهالله في آخر كتابه وسائل الشّيعة (١).
واستدلّ عليه باثنين وعشرين وجها ، وقال في آخره :
وقد ذكر أكثر هذه الوجوه بعض المحقّقين من المتأخّرين ، وإن كان بعضها يمكن المناقشة فيه ، فمجموعها لا يمكن ردّه عند الإنصاف.
أقول : وإليك معظم تلك الوجوه في غاية الاختصار مع جوابها في الحاشية :
١. شدّة اهتمام الأئمّة عليهمالسلام والأصحاب والعلماء في تدوين وتصحيح الرّوايات المتضمنّة لأحكام الدّين. (٢)
٢. كانت الشّيعة تعمل بأصول صحيحة ثابتة بأمر الأئمّة عليهمالسلام. وأصحاب الكتب الأربعة يعلمون عدم جواز الاعتماد على الظّنّ مع التمكّن من تمييز الصحيح عن غيره ، فروايات كتبهم كلّها صحيحة ، أي : معلومة الصّدور. (٣)
٣. الحكمة الرّبانيّة وشفقة الأئمّة عليهمالسلام : تقتضي ألّا يضيع من في أصلاب الرجال في زمن الغيبة ، ومصداق ذلك هو ثبوت الكتب المشار إليها. (٤)
٤. أمر الأئمّة عليهمالسلام أصحابهم بكتابة ما يسمعونه منهم والعمل به. (٥)
٥. الرّوايات الدّالة على صحّة الكتب ، وأنّها عرضت على الأئمّة عليهمالسلام فما الظّنّ بأصحاب الكتب الأربعة. (٦)
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٢٠ / ٦١ ـ ٧٨ و ٩٣ ـ ١١٢ ؛ معجم رجال الحديث : ١ / ١٧ ـ ٣١ و ٨٠ ـ ٨٥.
(٢) شدّة الاهتمام مانعة عن شيوع الدس والكذب لا عن أصلهما ، ولا سيّما أنّ التقية الشّديدة كانت مانعة عن تأثير الاهتمام المذكور ، ولا عن الزيادة والنقيصة السهويّة في تفاصيل ألفاظ الرّوايات ونحو ذلك ، نعم لو كان اهتمام الأئمّة عليهمالسلام ضمن أسباب قهريّة فوق أسباب عادية لتمّ ما ذكره ، لكن من المعلوم عدم تحقّق ذلك وجريان أمر الدين وفق السببيّة العامّة.
(٣) نمنع صحّة الوصول بنحو الموجبة الكليّة ولا أقلّ من عدم الدّليل على صحتّها ، ونمنع تمكّن أصحاب الكتب الأربعة من تمييز الصحيح عن غيره ـ أن اريد بالصحيح ـ الصحيح الواقعي وإن أريد به الصحيح بحسب اجتهادهم ففيه ما يأتي. وبالجملة : المعمول به عندهم هو العمل بأخبار الأحاد ، وهي لا تفيد العلم.
(٤) الحكمة الرّبانيّة لم تشأ وصول خصوص الأحكام الواقعيّة إلى عامّة المكلّفين قطعا ، وهذا محسوس للمتفقهين ، وإنّما شاءت إيصال ما يعمّ الأحكام الواقعيّة والظّاهريّة ، إليهم.
(٥) هذ يبطل السلب الكلّي ، الّذي لم يقل به أحد ، ولا ينفى كلّي السلب.
(٦) إن وجدت رواية معتبرة سندا على صحّة كتاب ، نعمل بها ، وأين هي من صحّة تمام الكتب.
ولا رواية على صحّة الكتب الأربعة والأولوية ممنوعة ، وقد تقدّم في أوائل هذا البحث ما يتعلّق بالمقام.