يطلع على أكثر ما عمل من التّصانيف والاصول ، ويعرف به قدر صالح من الرجال وطرائقهم ... (١) غير أن عليّ الجهد في ذلك ـ أي الاستيفاء ـ والاستقصاء فيما أقدر عليه.
أقول : فذكر في كتابه ٨٨٨ شخصا كلّهم إلّا ما شذّ صاحب تصنيف أو أصل ، وأمّا عدد هذه الكتب ، فلا يعلم من الفهرست ، فإنّه ذكر في حقّ جماعة أنّ لهم كتبا ، ولم يفصلها.
وقيل : ـ كما مرّ ـ إنّ الشّيخ تعرّض لأكثر من ألفي كتاب فيها.
وأمّا النجّاشي ، فقد تعرّض لأكثر من ألف ومائتين وأربعين شخصا ، كما تقدّم بل أنها هم بعض المعلّقين إلى (١٢٦٩) شخصا مع عدّ المصنّف نفسه ، فكتابه أنفع من فهرست الشّيخ بكثير ، وأكمل.
وقال ـ أي : النجّاشي ـ في أوّل كتابه : فإنّي وقفت على ما ذكره ... من تعيير قوم من مخالفينا ، أنّه لا سلف لكم ولا مصنّف ، وهذا قول من لا علم له بالناس ... وقد جمعت من ذلك ما استطعته ولم أبلغ غايته ؛ لعدم أكثر الكتب. (٢)
وإنّما ذكرت ذلك عذرا إلى من وقع إليه كتاب لم أذكره ... وذكرت لرجل طريقا واحدا حتّى لا تكثر الطرق ، فيخرج عن الغرض. انتهى.
والسؤال المهم المثمر : أنّ الكتب المذكورة في فهرست الشّيخ ، هل وصلت نسخها إليه بتلك الطرق مناولة ، سواء بمجرّد الإجازة ، أو بالقراءة ، أو السماع أيضا ، أو أنّ الطرق المذكورة في الفهرست كانت خالية عن المناولة؟
وإنّما هي لمجرّد اثبات نسبة المصنّفات والاصول إلى أربابها ، وأنّها غير موضوعة ولا مكذوبة على هؤلاء الأشخاص ، وإن اتفقت المناولة أو القراءة أو السّماع أو مجرّد الإجازة ، فهي أمر زائد بجهة خاصّة لا تعلّق لها بغرض الكتاب ؛ وأمّا الكتب فقسم منها وصل إلى الشّيخ من السوق والأفراد ، وقسم منها لم يصل إليه ، وإنّما وصل خبره إليه. بتوسط الناقلين.
فيه وجهان ، الظاهر أو المقطوع به هو الوجه الثاني.
__________________
(١) المستفاد من هذه الجملة إنّ فائدة الفهرست ، هو حصول المعرفة بالتّصانيف والاصول وأربابهما وطرائقهم. وغرضه من تأليفه هو رغبة بعض الفضلاء فيه ، ولا يظهر من الشّيخ أنّ الأسانيد المذكورة فيها يفيد صحّة روايات التهذيبين ، لكن له عبارة في آخر مشيخة التهذيب يمكن أن يستفاد ذلك منها ، وسيأتي نقلها مع الجواب.
(٢) الجملة الأخيرة ربّما يستفاد منها أنّ المراد بقوله : وقد جمعت هو جمع الكتب في الخارج دون جمع أسمائها في كتاب ، فكأنه نقل في كتابه اسماء الكتب الموجودة عنده ، لكنّه بعيد في حقّه وحقّ الشّيخ ، فضلا عن حصولها مناولة. والله العالم.