أمّا أوّلا : فلأنّ الغرض إذا كان معرفة نسبة الكتب إلى مؤلّفيها فقط ، فأيّ داع لاستنساخها بتعب النفس أو اشترائها بالمال ، وهي أكثر من ألفي كتاب ، وربّما يكون للشيخ طرق أو طريقان إلى كتاب أو كتب ، فهل يعقل تكرار الاستنساخ والاشتراء ، وربّما أخبره عدّة من مشائخه ، فهل كلّ ذلك كان بالمناولة والقراءة أو السّماع لا يحتمل ذلك ، فإنّه أمر مخالف لسلوك العقلاء.
وأمّا ثانيا : فلو كان ذلك واقعا ـ على الفرض البعيد ـ لذكره الشّيخ لا محالة في موارد من كلامه في الفهرست ، وحيث لا ، فلا.
وأمّا ثالثا : فلأنّ التعبير الشّائع في كلامه في معظم الموارد هو جملة (أخبرنا) ـ أي : أخبرنا فلان عن فلان بكتاب فلان ، أو كتبه ، وربّما يستعمل جملة روينا في موارد الأسناد المتكرّرة. والفرق بين الجمليتن اعتباري ، فعند النظر إلى حال المروي عنه ، يقول أخبرنا ، وعند النظر إلى نفسه ، وهو الرّاوي يقول روينا. (١)
وعلى كلّ لفظ : أخبرنا لا يدلّ على الإجازة المجرّدة ، فضلا عن المناولة وإعطاء الكتاب ، فضلا عن القراءة والسماع. وأيّ ملزم وأيّ داع؟ بل أي مجوز لحمل جملة : (أخبرنا) على المناولة؟
وأمّا رابعا : فلأنّ هذه الكتب الكثيرة الزائدة على الألفين كما قيل ، ليست كلّها في الأحاديث المنقولة عن الأئمّة عليهمالسلام حتّى يمكن القول بتحمل الشّيخ الطّوسي وإتعابه نفسه في استنساخها أو اشترائها ، ثمّ القراءة على الشّيوخ أو السّماع منهم ، بل جملة كثيرة منها في موضوعات مختلفة ، لا داعي للعاقل في إضاعة عمره وإتعاب نفسه بقراءتها وسماعها.
نعم ، في الفهرست موارد خاصّة ، يذكر الشّيخ فيها الإجازة والقراءة والسماع ، وإليك بيان بعضها :
فمنها : ترجمة إسماعيل بن علي بن رزين ... وله كتاب تأريخ الأئمّة عليهمالسلام. أخبرنا عنه برواياته (٢) كلّها الشّريف أبو محمّد المحمّدي ، وسمعنا هلال الحفّار يروي عنه مسند
__________________
(١) لكن ربّما يستعمل الشّيخ كلمة روينا في غير المتكرّرة ، كما في ترجمة إسماعيل بن جابر ، ومن بعده.
(٢) الظاهر رجوع الضمير المجرور (برواياته) إلى الكتاب ، ويمكن أن نجعله قرينة على أنّ المراد بالروايات في كلام الشّيخ في تمام الفهرست (أخبرنا بكتبه ورواياته ...) هي الرّوايات المكتوبة دون مطالبه المكتوبة فيها من أنظاره من غير الرّوايات عن الأئمّة عليهمالسلام.