وممّا يؤيّد زيادة الجملة المذكورة في الاستبصار من مرتب المطبعة ، أنّي لم أجد من قال برواية ابن الوليد عن ابن محبوب ، فلاحظ ترجمة هذين الرجلين الثقتين الجليلين في الكتب الرجاليّة. وهذا هو الأظهر ، بل هو المتعيّن لعدم إمكان رواية ابن الوليد عن الحسن بن محبوب ، فإنّه توفّي في آخر سنة ٢٢٤ ه ، وتوفّي ابن الوليد في سنة ٣٤٣ ه ، فإذا كان عمر بن الوليد حين وفاة الحسن ١٦ سنة يكون مجموع عمره ١٣٥ ، وهو كما ترى! فتأمّل.
إذا عرفت هذا ، فاعلم : أنّ الطريق الأوّل معتبر كما مرّ مرارا ، والحسن نفسه ثقة جليل جدّا ، بل وثاقته إجماعيّة ، لكن هذا الطريق خاصّ بما رواه الشّيخ بواسطة كتاب الكافي عنه ، ولا ينفع لصحه ما رواه عن كتبه ومصنّفاته ، ومع الشك يسقط الكل من الإعتبار.
والطريق الثّاني ضعيف ؛ لأنّ أحمد بن عبدون وعلي بن محمّد القرشي ، لم يثبت وثاقتهما ولا مدحهما ، نعم ، أحمد بن الحسين ثقة.
وأمّا إذا كان الرّاوي هو الحسين كما يظهر من الفهرست ، وسيأتي دون ابنه ، فهو مجهول أيضا ، إلّا أن يقال : إنّهم مشائخ إجازه في هذا المقام ، والشّيخ أخذ الرّوايات من كتب الحسن ، كما صرّح به وكان مطمئنا بها ، وإنّما أخذ الإجازة حذرا من الإرسال والوجادة.
قلت : نعم ، لكن لا نطمئن باطمئنان الشّيخ بصحّة النسخة الواصلة اليه من كتبه ؛ وذلك لبعد الفصل الزماني بينهما.
والطريق الثالث لا يبعد حسنه لاجتماع أحمد وابن أبي جيد فيه ، خصوصا إذا فرضنا هما شيخا إجازة ، ولا سيّما إذا أضفنا إليهما ابن عبدون والقرشي في الطريق الثّاني ، ومعاوية بن حكيم ثقة ، والمراد من أحمد بن محمّد في هذا الطريق ـ أي : الطريق الثالث ـ هو ابن عيسى دون البرقي ؛ لتصريح الشّيخ رحمهالله به في فهرسته. وأمّا الهيثمّ بن أبي مسروق الواقع في هذا الطريق ، فعن الكشّي نقلا عن شيخه حمدويه : لأبي مسروق ابن ، يقال له : الهيثمّ ، سمعت أصحابي يذكرونهما (بخير) كلاهما فاضلان.
أقول : هكذا نقله سيّدنا الأستاذ في معجمه (١) عن رجال الكشّي جاعلا كلمة : خير ، بين القوسين فإن كان المراد منه أنّها مذكورة في بعض نسخ رجاله دون جميعه ، فلا نحكم بحسن الهيثمّ ؛ لأنّ مجرّد فضله لا يدلّ على صدقه ، وإن كان المراد منه غير ذلك ، أو كان من تصرف
__________________
(١) معجم رجال الحديث : ١٩ / ٣٨٧.