تنبيه تكميلي :
أمّا الألفاظ الدّالة على التّوثيق والتّحسين فلا حصر لها ، بل هي موكولة إلى دلالة اللغة وفهم العرف وقد مرّ أنّ عدّة من الألفاظ والأوصاف والأفعال الّتي ادّعوا دلالتها على التّوثيق والتّحسين لم تكن دالّة عليهما.
نعم ، يدلّ عليهما ، مثل : ثقة عادل لم يعص ربّه ، لم يخلّ بواجبه ، ولم يرتكب حراما ، ورع عابد ، من المتّقين ، من الأولياء ، من الزّهاد ، صالح ، لا بأس به (١) ، صادق غير كاذب ، وجه الطائفة ، شيخ الطّائفة ، فقيه مجتهد ، من أكابر العلماء ، وجيه عند الإمام ، مقبول القول عند الإمام ، أو عند العلماء ، مرجع للمؤمنين في وقته ، ونحو ذلك.
ولا يدلّ عليهما شهيد هو في الجنّة ، وفيه نظر. غفر ذنبه ، ونحو ذلك ؛ لأنّ الشّهادة ودخول الجنة ومغفرة الذّنب لا تثبت العدالة أو الصدق في الحياة الدّنيا من أوّل البلوغ ، وكذا صحيح الحديث ، فإنّ صحّة الحديث قد يكون للقرينة المقوية للمضمون. وقد أفرط المحدّث النوري في تفسير هذه الكلمة ، كما يأتي إن شاء الله في البحث الحادي عشر.
وفي دلالة لفظ الاستقامة والمستقيم على الصدق ، تردّد لاحتمال كونه إشارة إلى مذهب الراوي ، لا إلى صدقه.
ويقول السّيد الأستاذ في معجمه : إنّ توصيف شخص بأنّه كان وجها لا يدلّ على حسنه ، نعم ، إذا وصف بأنّه كان وجها في أصحابنا ، كانت فيه دلالة على حسنه لا محالة والفرق بين الأمرين ظاهر. (٢)
أقول : وإذا قيل إنّه وجه بين المتكلّمين من الشّيعة ، أو بين النّحويّين منهم مثلا ، ففي دلالته على صدقه تردّد ، والأظهر أنّ للوجاهة أسباب فيشكّل استنباط الصدق ، نعم ، إذا قيل : إنّه وجه بين رواتنا يعتمد عليه.
تتمّة مفيدة : أثر الوثاقة والصدق في القول ، هو قبول أخبار من يتّصف بهما والاعتماد
__________________
(١) لكن فسّر الشّهيد الثّاني نفي البأس : لا بأس به ، بمعنى أنّه ليس بظاهر الضعف ، ومع ذلك قال بدلالته على الحسن إذا كان المقول فيه من أصحابنا ، انظر الدراية : ٧٦ ـ ٧٩.
أقول : نفي البأس يدلّ على نفي الكذب ، وليس معناه ما أفاد. ولو كان ، لم يدلّ على الحسن ، وعلى كلّ لا فرق في الدلالة بين كون المقول فيه من الإماميّة وغيرها.
(٢) معجم رجال الحديث : ٧ / ٢٨٠.