خالية عن المناولة ، والشّيخ أخذ الكتب الحديثيّة من الأسواق والأفراد مطمئنا بصحّتها ، فنقل منها في التهذيبين.
وإنّما ذكر بعض طرقه إليها في المشيخة لإخراج ما في التهذيبين من الإرسال ، كما صرّح به نفسه.
فلا يردّ عليه بعض الاعتراضات المتقدّمة ، بل ليس الشّيخ مبتدعا في ذلك فإنّ الظاهر أنّ الكليني والصّدوق وغيرهما من حملة الإخبار (قدّس الله أسرارهم) أيضا سلكوا هذا المسلك ؛ إمّا في جميع الموارد أو في كثير منها والوسائط بينهم ، وبين أرباب الكتب بمنزلة شيوخ الإجازة أو هم هم.
وإن شئت فقل : أنّ التعبير الرائج الغالب في مشيخته التهذيب ، هو لفظ الإخبار ـ أي : إخبار مشائخه عن مشائخهم ، عن أرباب الكتب والأصول.
وعرفت أن اللفظ المذكور : (أخبرني أخبرنا) ، لا يضمن مناولة الكتب والسماع والقراءة بوجه إلّا فيما يصرّح الشّيخ رحمهالله بأحدها ، وفي معنى الإخبار الرّواية : (رواه ـ روينا) والفرق بينهما اعتباري ، فإن الأوّل باعتبار حال الملقي ، والثّاني بلحاظ حال المتلّقى ، ومثلها في عدم الدلالة على الثّلاثة المذكورة مادّة الإجازة قطعا إلّا بقرينة أخرى.
والنتيجة تساوي طرق المشيخة والفهرست ، وعليه فلا تأثير لضعف الطرق المذكورة في المشيخة إذا كان قبلها من الرّواة صادقون ، فإنّ الاعتماد على اطمئنان الشّيخ بسلامة الكتب والأصول من الدس والزيادة والنقص ، ويلحقّ بطرق المشيخة طرق الفهرست ، إذا نقل الشّيخ الأحاديث بواسطتها من الكتب والأصول.
ويؤيّده إنّ الرجاليّين والمحدّثين والفقهاء من الأصحاب قبلوا توثيقات الشّيخ والنجّاشي ، بل وتوثيقات علي بن الحسن بن فضّال وأمثالهم ، وهي مرسلة ، كما عرفته في أوائل هذا الكتاب ، ولا وجه له ظاهرا سوى الاعتماد على اطمئنان الشّيخ وأمثاله مع احتمال إعمال الحدس من الشّيخ ـ كما مرّ ـ فكيف لا يعتمد على اطمئنانه في سلامة الكتب الحديثية؟
إذ لا يحتمل أن الشّيخ وأمثاله نقلوا الأحاديث مع احتمال الدّس والزّيادة والنقيصة ، وقد أشرنا آنفا أنّه لا دليل على أنّ الصدوق ، والكليني رحمهماالله لم يرويا بهذا النحو ، بل رويا عن راو ، عن راو وهكذا ، بل الظاهر أنّهما قد يرويان عن الأفراد.