وقال في ترجمة إسحاق بن الحسن (١) : كثير السماع ضعيف في مذهبه رأيته بالكوفة وهو مجاور وكان يروي كتاب الكليني عنه ، وكان في هذا الوقت غلوا (علوا) فلم أسمع منه شيئا. (٢)
وقال في ترجمة محمّد بن عبد الله ابى المفضل : وكان في أوّل أمره ثبتا ثمّ خلط ، ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعّفونه له كتب ... رأيت هذا الشّيخ وسمعت منه كثيرا ، ثمّ توقّفت عن الرّواية إلّا بواسطة بيني وبينه. (٣)
أقول : هذه الكلمات لا تدلّ على أن النجّاشي لا يروي عن غير الثّقة ، وبالتالي لا تدلّ على وثاقة مشائخه ، أمّا كلامه في المورد الأوّل ، فالمفهوم من تعجبه من عمل شيخيه إنّه لا يروي عن واضع الحديث ، وفاسد المذهب والرواية ، وأين هذا من عدم روايته إلّا عن ثقة؟
وأمّا في المورد الثالث ، فإنّ سلّمنا دلالته على شيء فهو يدلّ على أنّه لا يروي بل لا يسمع عمّن هو ضعيف في مذهبه ، وهذا لا يثبت ما قالوه.
على أنّ بعضهم فسّر كلامه الأخير هكذا : وكان رواية الكافي في هذا الوقت غلوّا عند أهل العصر ، فلم أسمع منه شيئا لئلّا اتّهم بالغلوّ (٤) ، وهذا المعنى ، بل احتمال إرادته يضعف ما استنبطوه منه من أنّه لا يروي إلّا عن ثقة.
وأمّا في المورد الرابع والثّاني ، فمدلوله أنّه لا يروي عمّن ضعّفه شيوخنا أو ضعفه جلّ أصحابنا ، وهو مخلط.
وهذا لا يدلّ على أنّه لا يروي عن ضعيف لم يشتهر ضعفه عند شيوخه.
وما ذكره سيّدنا الأستاذ الخوئي في معجمه من أنّه طريق إلى نفس الضعف ، وأنّه لا يروي عن مطلق الضعيف غير واضح ، فإذا : حال شيوخ النجّاشي كحال غيرهم في احتياجهم إلى التّوثيق ، والله الهادي.
ثمّ إنّه بقي في المقام أمور ثلاثة :
الأوّل : في تفسير قول النجّاشي في المورد الرّابع : إلّا بواسطة بيني وبينه.
__________________
(١) المصدر : ٥٧.
(٢) رجال النجاشي : ٥٧.
(٣) المصدر : ٣٠٩.
(٤) انظر : رجال المامقاني.