فعن الحائري في منتهي المقال : يشير إلى عدم ضعفه ، وإلّا فأيّ مدخل للواسطة؟ بل الظاهر أنّه مجرّد تورّع واحتياط عن اتّهامه بالرّواية عن المتّهمين.
وعن السّيد الأستاذ في معجمه : مراده إنّه لا يروي عنه طريقه إلى كتاب بمثل حدّثني أو أخبرني ، وأمّا النّقل عنه بمثل قال ، فقد وقع منه في ترجمة ابن بطة ، وفي ترجمة ابن أبي الثلج.
وعن قاموس الرجال : مراده أنّه أدرك عصر تخليطه ، فلم يرو عنه بلا واسطة ، بل روي عن مشائخ أدركوا عصر ثبته فرووا عنه فروي عنهم عنه.
وعن العلّامة الرّازي صاحب طبقات أعلام الشّيعة (١) : كان عمر النجّاشي يوم وفاة أبي المفضل خمسة عشر سنة فترك الرّواية عنه إلّا بالواسطة إنّما هو لاحتياطه من جهة صغر سنّه وقت السّماع لا من جهة غمز الأصحاب فيه ، لأنّه حكى الغمز عنهم من دون تصديق. (٢)
أقول : هذه الوجوه مع اختلافها في ما بينها ، ووضوح ضعف بعضها ، ربّما يكون بعضها دليلا على عدم دلالة كلام النجّاشي على ما ادّعوه ، وأمّا المورد ان المشار إليهما في كلام سيّدنا الأستاذ الخوئي فهما ، إمّا من تخلّف النجّاشي عن بنائه ، أو من أجل اختصاص وعده بترك نقل الأحاديث عنه دون نقل مؤلّفات المؤلّفين ، كما يخطر ببالي. وعلى كلّ كلام السّيد الأستاذ قدسسره ضعيف. (٣)
الثّاني : يحتمل اختصاص كلام النجّاشي بنقل الأحاديث دون نقل أسامي الكتب ومؤلّفات الأصحاب ، فإنّ الثّاني دون الأوّل في الأهمّيّة بدرجات ؛ ونتيجة ذلك عدم صحّة الحكم بوثاقة مشائخه في فهرسته (رجاله) كما صدر عن جمع ، فإنّ الفهرست وضع لمجرّد إثبات ما ألّفه السّلف الصالح على ما يأتي أيضا في البحث الرّابع والأربعين ، إن شاء الله تعالى. ويجب على المحقّق أن يتدبّر في هذا البحث.
الثالث : إنّ كلمات النجّاشي على تقدير دلالتها على أنّه لا يروي عن مطلق الضعفاء ـ وقد عرفت عدم ثبوتها ـ لا تنفي الرّواية عن المجهولين ، فلا يستنتج منها إنّه لا يروي إلّا عن ثقة.
__________________
(١) انظر : طبقات أعلام الشيعة : ٢٨٠.
(٢) انظر : مستدرك النوري رحمهالله : ٣ / ٥٠٤ ؛ معجم الرجال : ١٦ / ٢٨٣ ، و ١٧ / ٢٦٠ ؛ رجال السّيد بحر العلوم رحمهالله : ٢ / ٩٥.
(٣) يمكن أن يقال : إنّ ذلك الاستثناء في كلام النجّاشي ينافي ما استظهروه من كلامه ، إذ كما إنّه يروي عن الضعيف مع الواسطة ، فيمكن أن يروي عنه بلا واسطة لعلّة أخرى أيضا.