كان صالح المري مملوكا لامرأة من بني مرة بن الحارث بن عبد القيس ، وهو صالح ابن بشير.
أخبرني عليّ بن أيّوب ، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى ، حدّثنا محمّد بن أحمد الكاتب ، حدّثنا الحسين بن فهم ، حدّثني أبو همّام ، حدّثني إبراهيم بن أعين. قال : قال صالح المري دخلت على المهديّ هاهنا بالرصافة ، فلما مثلت بين يديه قلت : يا أمير المؤمنين احمل لله ما أكملك به اليوم ، فإن أولى الناس بالله أحملهم لغلظة النصيحة فيه ، وجدير بمن له قرابة برسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يرث أخلاقه ، ويأتم بهديه ، وقد ورثك الله من فهم العلم ، وإنارة الحجة ، ميراثا قطع به عذرك ، فمهما ادعيت من حجة ، أو ركبت من شبهة ، لم يصح لك بها برهان من الله ، حل بك من سخط الله بقدر ما تجاهلته من العلم ، أو أقدمت عليه من شبهة الباطل ، واعلم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خصم من خالفه في أمته ، يبتزها أحكامها ، ومن كان محمّد خصمه كان الله خصمه ، فأعد لمخاصمة الله ومخاصمة رسول الله حججا تضمن لك النجاة أو استسلم للهلكة ، واعلم أن أبطأ الصرعى نهضة صريع هوى يدعيه إلى الله قربة ، وإن أثبت الناس قدما يوم القيامة آخذهم بكتاب الله وسنة نبيه صلىاللهعليهوسلم. فمثلك لا يكابر بتجريد المعصية ، ولكن تمثل له الاساءة إحسانا ويشهد له عليها خونة العلماء ، وبهذه الحبالة تصيدت الدّنيا نظراءك ، فأحسن الحمل قد أحسنت إليك الأداء. قال : فبكى المهديّ.
قال أبو همّام : فأخبرني بعض الكتّاب أنه رأى هذا الكلام مكتوبا في دواوين المهديّ.
أخبرني عليّ بن محمّد بن الحسن المالكيّ ، أخبرنا عبد الله بن عثمان الصّفّار ، أخبرنا محمّد بن عمران الصّيرفيّ ، حدّثنا عبد الله بن عليّ بن المديني قال : وجدت في كتاب لي بخط أبي : صالح المري هو صالح بن بشير بن وادع بن أبيّ بن أبي الأقعس من الأقاعسة ، من ولد عامر بن حنيفة ، وأعتقت صالحا المري امرأة من بني حنيفة بن جارية بن مرة ، وأم صالح ميمونة امرأة خراسانية ، وإنما صار صالح بن بشير لأنه كان في كتّاب رجل من كندة ، وكانت ميمونة أم صالح أمة للمرأة المرية ، تزوجها بشير بن وادع وهو عربي حنفي ، فولدت له صالحا ، فكان مملوكا لهذه المرأة ، فقاتل صالح وهو صبي في الكتّاب له ذؤابة ، [صبيا](١) ، فجاء أبو الصبي يتفقده وقال لصالح : يا
__________________
(١) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.