أحمد بن سنان المنبجي ، ومحمّد بن الحسن بن قتيبة العسقلاني ، وأحمد بن محمّد ابن خالد البراثي ، وقاسم بن زكريّا المطرز ، ونحوهما من البغداديّين ، وأبي غسان عبد الله بن محمّد القلزمي ، وعليّ بن عبد الحميد الغضائريّ ، والحسين بن عبد الله القطّان الرقي ، وعبد الله بن محمّد بن سلم المقدسي ، ومفضل بن محمّد الجندي ، وأحمد بن داود بن عبد الغفار المصري.
وكان ثقة ثبتا. وله كتب مصنفة وجموع مدونة ، حدّثنا عنه أبو بكر البرقانيّ والقاضي أبو العلاء الواسطيّ. وقال لنا أبو العلاء : لم أر في شيوخنا الغرباء مثل الأبندوني ، وسمعت منه في سنة ست وستين وثلاثمائة ، وكان عسرا في الحديث.
أخبرني محمّد بن عليّ المقرئ عن محمّد بن عبد الله بن أحمد النّيسابوري قال : عبد الله بن إبراهيم الأبندوني أبو القاسم الجرجانيّ خرج إلى بغداد سنة خمسين وثلاثمائة فسكنها ، ولم يخرج منها إلى أن مات بها ، وكان أحد أركان الحديث ، ورفيق أبي أحمد بن عدي بالشام ومصر.
سمعت البرقانيّ ذكر الآبندوني فقال : كان محدثا قد أكل ملحه ، وسافر في الحديث إلى خراسان ، وفارس ، والبصرة ، والشام ، ومصر ، وكان زاهدا متقللا ، ولم يكن يحدث غير واحد منفرد. قيل له في ذلك فقال : أصحاب الحديث فيهم سوء أدب وإذا اجتمعوا للسماع تحدثوا ، وأنا لا أصبر على ذلك.
قال البرقانيّ : ودفع إلى يوما قدحا فيه كسر يابسة وأمرني أن أحمله إلى الباقلاني ليطرح عليه ماء الباقلاء ، ففعلت ذلك ، فلما ألقى الباقلاني عليه الماء وقع في القدح من الباقلاء اثنتين أو ثلاث ، فبادر الباقلاني إلى رفعها ، فقلت له : ويحك ما مقدار هذا حتى ترفعه من القدح؟ فقال : هذا الشيخ يعطيني في كل شهر دانقا حتى أبل له الكسر اليابسة فكيف أدفع إليه الباقلاء مع الماء! وجعل البرقانيّ يصف أشياء من تقلله وزهده وسمعته يقول : كان الأبندوني سيدا في المحدثين.
سألت البرقانيّ عن وفاة الأبندوني فقال : مات في غيبتي عن بغداد ، وذلك أني رحلت إلى الإسماعيلي في سنة خمس وستين وثلاثمائة ، فسالني عن الأبندوني فأخبرته أني تركته في الأحياء ، وأعلمته استكثاري من السماع منه فأثنى عليه ، ورجعت إلى بغداد في سنة تسع وستين فلم أصبه حيّا.
قال لي القاضي أبو العلاء الواسطيّ : توفي أبو القاسم الأبندوني في سنة ثمان وستين وثلاثمائة ، وله خمس وسبعون سنة.