شنيع لحالهم وإثارة للعداوة بين الشيطان وبينهم.
والسوء الضّرّ من ساءه سوءا ، فالمصدر بفتح السين وأما السّوء بضم السين فاسم للمصدر.
والفحشاء اسم مشتق من فحش إذا تجاوز الحد المعروف في فعله أو قوله واختص في كلام العرب بما تجاوز حد الآداب وعظم إنكاره ، لأن وساوس النفس تئول إلى مضرة كشرب الخمر والقتل المفضي للثأر أو إلى سوأة وعار كالزنا والكذب ، فالعطف هنا عطف لمتغايرين بالمفهوم والذات لا محالة بشهادة اللغة وإن كانا متحدين في الحكم الشرعي لدخول كليهما تحت وصف الحرام أو الكبيرة وأما تصادقهما معا في بعض الذنوب كالسرقة فلا التفات إليه كسائر الكليات المتصادقة.
وقوله : (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) يشير إلى ما اختلقه المشركون وأهل الضلال من رسوم العبادات ونسبة أشياء لدين الله ما أمر الله بها. وخصه بالعطف مع أنه بعض السوء والفحشاء لاشتماله على أكبر الكبائر وهو الشرك والافتراء على الله.
ومفعول (تَعْلَمُونَ) محذوف وهو ضمير عائد إلى (ما) وهو رابط الصلة ، ومعنى (ما لا تَعْلَمُونَ) لا تعلمون أنه من عند الله بقرينة قوله : (عَلَى اللهِ) أي لا تعلمون أنه يرضيه ويأمر به ، وطريق معرفة رضا الله وأمره هو الرجوع إلى الوحي وإلى ما يتفرع عنه من القياس وأدلة الشريعة المستقراة من أدلتها ، ولذلك قال الأصوليون : يجوز للمجتهد أن يقول فيما أداه إليه اجتهاده بطريق القياس : إنه دين الله ولا يجوز أن يقول قاله الله ، لأن المجتهد قد حصلت له مقدمة قطعية مستقراة من الشريعة انعقد الإجماع عليها وهي وجوب عمله بما أداه إليه اجتهاده بأن يعمل به في الفتوى والقضاء وخاصة نفسه فهو إذا أفتى به وأخبر فقد قال على الله ما يعلم أنه يرضي الله تعالى بحسب ما كلف به من الظن (١).
__________________
(١) قال الألوسي عند شرح وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ «وظاهر الآية المنع من اتباع الظن رأسا لأن الظن مقابل للعلم لغة وعرفاه ويشكل عليه أن المجتهد يعمل بمقتضى ظنه الحاصل عنده من النصوص فكيف يسوغ اتباعه للمقلد ، وأجيب بأن الحكم المظنون للمجتهد يجب العمل به للدليل القاطع وهو الإجماع وكل حكم يجب العمل به قطعا علم قطعا بأنه حكم الله تعالى : وإلا لم يجب العمل به قطعا ، وكل ما علم قطعا أنه حكم الله تعالى فهو معلوم قطعا ، فالحكم المظنون للمجتهد معلوم قطعا وخلاصته أن الظن كاف في طريق تحصيله ثم بواسطة الإجماع على وجوب ـ