إلى (أخيه) ، والمعنى : فليرضى بما بذل له من الصلح المتيسر ، وليؤد باذل الصلح ما بذله دون مماطلة ولا نقص ، والضمير المجرور باللام والضمير المجرور بإلى عائدان على (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ).
ومقصد الآية الترغيب في الرضا بأخذ العوض عن دم القتيل بدلا من القصاص لتغيير ما كان أهل الجاهلية يتعيرون به من أخذ الصلح في قتل العمد ويعدونه بيعا لدم مولاهم كما قال مرّة الفقعسي :
فلا تأخذوا عقلا من القوم إنّني |
|
أرى العار يبقى والمعاقل تذهب |
وقال غيره يذكر قوما لم يقبلوا منه صلحا عن قتيل :
فلو أنّ حيّا يقبل المال فدية |
|
لسقنا لهم سببا من المال مفعما |
ولكن أبى قوم أصيب أخوهم |
|
رضا العار فاختاروا على اللّبن الدّما |
وهذا كله في العفو على قتل العمد وأما قتل الخطأ فإن شأنه الدية عن عاقلة القاتل وسيأتي في سورة النساء.
وإطلاق وصف الأخ على المماثل في دين الإسلام تأسيس أصل جاء به القرآن جعل به التوافق في العقيدة كالتوافق في نسب الإخوة ، وحقّا فإن التوافق في الدين آصرة نفسانية والتوافق في النسب آصرة جسدية والروح أشرف من الجسد.
واحتج ابن عباس بهذه الآية على الخوارج في أن المعصية لا تزيل الإيمان ، لأن الله سمى القاتل أخا لولي الدم وتلك أخوة الإسلام مع كون القاتل عاصيا.
وقوله : (بِالْمَعْرُوفِ) المعروف هو الذي تألفه النفوس وتستحسنه فهو مما تسر به النفوس ولا تشمئز منه ولا تنكره ، ويقال لضده منكر وسيأتي عند قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) [آل عمران : ١١٠] في سورة آل عمران.
والباء في قوله : (بِالْمَعْرُوفِ) للملابسة أي فاتباع مصاحب للمعروف أي رضا وقبول ، وحسن اقتضاء إن وقع مطل ، وقبول التنجيم إن سأله القاتل.
والأداء : الدفع وإبلاغ الحق والمراد به إعطاء مال الصلح ، وذكر متعلقه وهو قوله (إِلَيْهِ) المؤذن بالوصول إليه والانتهاء إليه للإشارة إلى إبلاغ مال الصلح إلى ولي المقتول