القاف ، فقال الأعمش لحمزة أرأيت قراءتك هذه كيف يكون الرجل قاتلا بعد أن صار مقتولا؟ فقال حمزة : إن العرب إذا قتل منهم رجل قالوا قتلنا ا ه يريد أن الكلام على حذف مضاف من المفعول كقوله :
غضبت تميم أن تقتّل عامر |
|
يوم النسار فأعتبوا بالصّيلم |
والمعنى ولا تقتلوا أحدا منهم حتى يقتلوا بعضكم فإن قتلوا بعضكم فاقتلوا من تقدرون عليه منهم وكذلك إسناد (قتلوا) إلى ضمير جماعة المشركين فهو بمعنى قتل بعضهم بعض المسلمين لأن العرب تسند فعل بعض القبيلة أو الملة أو الفرقة لما يدل على جميعها من ضمير كما هنا أو اسم ظاهر نحو قتلتنا بنو أسد. وهذه القراءة تقتضي أن المنهي عنه القتل فيشمل القتل باشتباك حرب والقتل بدون ملحمة.
وقد دلت الآية بالنص على إباحة قتل المحارب إذا حارب في الحرم أو استولى عليه لأن الاستيلاء مقاتلة ؛ فالإجماع على أنه لو استولى على مكة عدو وقال : لا أقاتلكم وأمنعكم من الحج ولا أبرح من مكة لوجب قتاله وإن لم يبدأ بالقتال ؛ نقله القرطبي عن ابن خويزمنداد من مالكية العراق. قال ابن خويزمنداد : وأما قوله : (وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ) فيجوز أن يكون منسوخا بقوله : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ) [البقرة : ١٩٣].
واختلفوا في دلالتها على جواز قتل الكافر المحارب إذا لجأ إلى الحرم بدون أن يكون قتال وكذا الجاني إذا لجأ إلى الحرم فارا من القصاص والعقوبة فقال مالك : بجواز ذلك واحتج على ذلك بأن قوله تعالى : (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ) [التوبة : ٥] الآية قد نسخ هاته الآية وهو قول قتادة ومقاتل بناء على تأخر نزولها عن وقت العمل بهذه الآية والعام المتأخر عن العمل ينسخ الخاص اتفاقا.
وبالحديث الذي رواه في «الموطأ» عن أنس بن مالك «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء أبو برزة فقال : ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : اقتلوه» وابن خطل هذا هو عبد العزى بن خطل التيمي كان ممن أسلم ثم كفر بعد إسلامه وجعل دأبه سب رسول الله صلىاللهعليهوسلم والإسلام فأهدر النبي صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح دمه فلما علم ذلك عاذ بأستار الكعبة فأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بقتله حينئذ ، فكان قتل ابن خطل قتل حد لا قتل حرب ؛ لأن النبي صلىاللهعليهوسلم قد وضع المغفر عن رأسه وقد انقضت الساعة التي أحل الله له فيها مكة.