تجدهم بحالة لا تعجبك فهو تمهيد لقوله في آخر الآية (فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ) والظرفية المستفادة من (في) ظرفية حقيقية.
ويجوز أن يتعلق بكلمة (قَوْلُهُ) أي كلامه عن شئون الدنيا من محامد الوفاء في الحلف مع المسلمين والود للنبي ولا يقول شيئا في أمور الدين ، فهذا تنبيه على أنه لا يتظاهر بالإسلام فيراد بهذا الأخنس بن شريق.
وحرف (في) على هذا الوجه للظرفية المجازية بمعنى عن والتقدير قوله : عن الحياة الدنيا.
ومعنى (يُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) أنه يقرن حسن قوله وظاهر تودده بإشهاد الله تعالى على أن ما في قلبه مطابق لما في لفظه ، ومعنى إشهاد الله حلفه بأن الله يعلم إنه لصادق.
وإنما أفاد ما في قلبه معنى المطابقة لقوله لأنه لما أشهد الله حين قال كلاما حلوا تعين أن يكون مدعيا أن قلبه كلسانه قال تعالى : (يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ) [التوبة :٦٢]
ومعنى (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) أنه شديد الخصومة أي العداوة مشتق من لده يلده بفتح اللام لأنه من فعل ، تقول : لددت يا زيد بكسر الدال إذا خاصم ، فهو لاد ولدود فاللدد شدة الخصومة والألد الشديد الخصومة قال الحماسي ربيعة بن مقروم :
وألدّ ذي حنق عليّ كأنّما |
|
تغلي حرارة صدره في مرجل |
فألد صفة مشبهة وليس اسم تفضيل ، ألا ترى أن مؤنثه جاء على فعلاء فقالوا : لداء وجمعه جاء على فعل قال تعالى : (وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا) [مريم : ٩٧] وحينئذ ففي إضافته للخصام إشكال ؛ لأنه يصير معناه شديد الخصام من جهة الخصام فقال في «الكشاف» : إما أن تكون الإضافة على المبالغة فجعل الخصام ألد أي نزّل خصامه منزلة شخص له خصام فصارا شيئين فصحت الإضافة على طريقة المجاز العقلي ، كأنه قيل : خصامه شديد الخصام كما قالوا : جنّ جنونه وقالوا : جدّ جدّه ، أو الإضافة على معنى في أي وهو شديد الخصام في الخصام أي في حال الخصام ، وقال بعضهم يقدر مبتدأ محذوف بعد (وَهُوَ) تقديره : وهو خصامه ألد الخصام وهذا التقدير لا يصح لأن الخصام لا يوصف بالألد فتعيّن أن يؤوّل بأنه جعل بمنزلة الخصم وحينئذ فالتأويل مع عدم التقدير أولى ، وقيل