الخصام هنا جمع خصم كصعب وصعاب وليس هو مصدرا وحينئذ تظهر الإضافة أي وهو ألد الناس المخاصمين.
وقوله تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ) إذا ظرف تضمن معنى الشرط.
و (تَوَلَّى) إما مشتق من التولية وهي الإدبار والانصراف يقال ولى وتولى وقد تقدم قوله تعالى : (ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ) [البقرة : ١٤٢] أي وإذا فارقك سعى في الأرض ليفسد.
ومتعلق (تَوَلَّى) محذوف تقديره تولى عنك ، والخطاب المقدر يجري على الوجهين المتقدمين وإما مشتق من الولاية : يقال ولي البلد وتولاه ، أي وإذا صار واليا أي إذا تزعم ورأس الناس سعى في الأرض بالفساد ، وقد كان الأخنس زعيم مواليه وهم بنو زهرة.
وقوله : (سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها) السعي حقيقته المشي الحثيث قال تعالى : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى) [القصص : ٢٠] ويطلق السعي على العمل والكسب ، قال تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها) [الإسراء : ١٩] وقال امرؤ القيس :
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة
البيتين ويطلق على التوسط بين الناس لإصلاح ذات البين أو لتخفيف الإضرار قال عمرو بن كلثوم :
ومنّا قبله السّاعي كليب |
|
فأيّ الفضل إلّا قد ولينا |
وقال لبيد :
وهم السّعاة إذا العشيرة أفظعت
البيت. ويطلق على الخرص وبذل العزم لتحصيل شيء كما قال تعالى في شأن فرعون (ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعى) [النازعات : ٢٢] فيجوز أن يكون هنا بالمعنيين الأول والرابع أي ذهب يسير في الأرض غازيا ومغيرا ليفسد فيها. فيكون إشارة إلى ما فعله الأخنس بزرع بعض المسلمين ، لأن ذلك مؤذن بكفره وكذبه في مودة النبي صلىاللهعليهوسلم ، إذ لو كان وده صادقا لما آذى أتباعه. أو إلى ما صنعه بزرع ثقيف على قول من قال من المفسرين إن الأخنس بيت ثقيفا وكانت بينه وبينهم عداوة وهم قومه فأغار عليهم بمن معه من بني زهرة فأحرق زروعهم وقتل مواشيهم. لأنّ صنيعه هذا بقوم وإن كانوا يومئذ كفارا لا يهم المسلمين ضرهم ، ولأنه لم يفعله انتصارا للإسلام ولم يكن في حالة حرب معهم فكان فعله ينم عن