المناسب لهم أن يبادوا بالإيمان بالرسول محمد صلىاللهعليهوسلم لأنهم أعلم الناس بأحوال الرسل ، وعلى كل فهذه الآية وما بعدها معترضات بين أغراض التشريع المتتابعة في هذه السورة.
و (سَلْ) أمر من سأل يسأل أصله اسأل فحذفت الهمزة تخفيفا بعد نقل حركتها إلى الساكن قبلها إلحاقا لها بنقل حركة حرف العلة لشبه الهمزة بحرف العلة فلما تحرك أول المضارع استغنى عن اجتلاب همزة الوصل ، وقيل : سل أمر من سأل الذي جعلت همزته ألفا مثل الأمر من خاف يخاف خف ، والعرب يكثرون من هذا التخفيف في سأل ماضيا وأمرا ؛ إلّا أن الأمر إذا وقع بعد الواو والفاء تركوا هذا التخفيف غالبا.
والمأمور بالسؤال هو الرسول ؛ لأنه الذي يترقب أن يجيبه بنو إسرائيل عن سؤاله ؛ إذ لا يعبئون بسؤال غيره ؛ لأن المراد بالسؤال سؤال التقرير للتقريع ، ولفظ السؤال يجيء لما تجيء له أدوات الاستفهام. والمقصود من التقرير إظهار إقرارهم لمخالفتهم لمقتضى الآيات فيجيء من هذا التقرير التقريع فليس المقصود تصريحهم بالإقرار ؛ بل مجرد كونهم لا يسعهم الإنكار.
والمراد ب (بني إسرائيل) الحاضرون من اليهود. والضمير في (آتَيْناهُمْ) لهم ، والمقصود إيتاء سلفهم ؛ لأن الخصال الثابتة لأسلاف القبائل والأمم ، يصح إثباتها للخلف لترتب الآثار للجميع كما هو شائع في مصطلح الأمم الماضية من العرب وغيرهم. ويجوز أن يكون معنى إيتائهم الآيات أنهم لما تناقلوا آيات رسلهم في كتبهم وأيقنوا بها فكأنهم أوتوها مباشرة.
و (كم) اسم للعدد المبهم فيكون للاستفهام ويكون للإخبار ، وإذا كانت للإخبار دلت على عدد كثير مبهم ؛ ولذلك تحتاج إلى مميز في الاستفهام وفي الإخبار ، وهي هنا استفهامية كما يدل عليه وقوعها في حيز السؤال ، فالمسئول عنه هو عدد الآيات.
وحق سأل أن يتعدى إلى مفعولين من باب كسا أي ليس أصل مفعوليه مبتدأ وخبرا ، وجملة (كَمْ آتَيْناهُمْ) لا تكون مفعوله الثاني ؛ إذ ليس الاستفهام مطلوبا بل هو عين الطلب ، ففعل (سَلْ) معلّق عن المفعول الثاني لأجل الاستفهام ، وجملة (كَمْ آتَيْناهُمْ) في موقع المفعول الثاني سادة مسده.
والتعليق يكثر في الكلام في أفعال العلم والظن إذا جاء بعد الأفعال استفهام أو نفي أو لام ابتداء أو لام قسم ، وألحق بأفعال العلم والظن ما قارب معناها من الأفعال ، قال