ما يأتونه وقت الشراب إذا أعوزهم اللحم للشّواء عند شرب الخمر ، فهم يتوسلون لنحر الجزور ساعتئذ بوسائل قد تبلغ بهم إلى الاعتداء على جزر الناس بالنحر كما في قصة حمزة ، إذ نحر شارفا لعليّ بن أبي طالب حين كان حمزة مع شرب فغنته قينته مغرية إياه بهذا الشارف:
ألا يا حمز للشّرف النّواء |
|
وهنّ معقّلات بالفناء |
فقام إليها فشق بطنها وأخرج الكبد فشواه في قصة شهيرة ، وقال طرفة يذكر اعتداءه على ناقة من إبل أبيه في حال سكره :
فمرّت كهاة ذات خيف جلالة |
|
عقيلة شيخ كالوبيل يلندد |
يقول وقد ترّ الوظيف وساقها |
|
ألست ترى أن قد أتيت بمؤيد |
وقال ألا ما ذا ترون بشارب |
|
شديد علينا بغيه متعمّد |
فلا جرم أن كان الميسر أيسر عليهم لاقتناء اللحم للشرب ولذلك كثر في كلامهم قرنه بالشّرب ، قال سبرة بن عمرو الفقعسي يذكر الإبل :
نحابي بها أكفاءنا ونهينها |
|
ونشرب في أثمانها ونقامر |
وذكر لبيد الخمر ثم ذكر الميسر في معلقته فقال :
أغلى السّباء بكل أدكن عاتق |
|
أو جونة قدحت وفضّ ختامها |
ثم قال :
وجزور أيسار دعوت لحتفها |
|
بمغالق متشابه أجسامها |
وذكرهما عنترة في بيت واحد فقال يذكر محاسن قرنه الذي صرعه في الحرب :
ربذ يداه بالقداح إذا شتا |
|
هتّاك غايات التّجار ملوّم |
فلأجل هذا قرن في هذه الآية ذكر الخمر بذكر الميسر ، ولأجله اقترنا في سؤال السائلين عنهما إن كان ثمة سؤال.
والميسر : اسم جنس على وزن مفعل مشتق من اليسر ، وهو ضد العسر والشدة ، أو من اليسار وهو ضد الإعسار ، كأنهم صاغوه على هذا الوزن مراعاة لزنة اسم المكان من يسر ييسر وهو مكان مجازي جعلوا ذلك التقامر بمنزلة الظرف الذي فيه اليسار أو اليسر ، لأنه يفضي إلى رفاهة العيش وإزالة صعوبة زمن المحل وكلب الشّتاء ، وقال صاحب