«الكشاف» : هو مصدر كالموعد ، وفيه أنه لو كان مصدرا لكان مفتوح السين ؛ إذ المصدر الذي على وزن المفعل لا يكون إلا مفتوح العين ما عدا ما شذ ، ولم يذكروا الميسر في الشاذ ، إلا أن يجاب بأن العرب وضعوا هذا الاسم على وزن المصدر الشاذ ليعلم أنه الآن ليس بمصدر.
والميسر : قمار كان للعرب في الجاهلية ، وهو من القمار القديم المتوغل في القدم كان لعاد من قبل ، وأول من ورد ذكر لعب الميسر عنه في كلام العرب هو لقمان بن عاد ويقال لقمان العادي ، والظاهر أنه ولد عاد بن عوص بن إرم بن سام ، وهو غير لقمان الحكيم ، والعرب تزعم أن لقمان كان أكثر الناس لعبا بالميسر حتى قالوا في المثل «أيسر من لقمان» وزعموا أنه كان له ثمانية أيسار لا يفارقونه (١) هم من سادة عاد وأشرافهم ، ولذلك يشبّهون أهل الميسر إذا كانوا من أشراف القوم بأيسار لقمان قال طرفة بن العبد :
وهم أيسار لقمان إذا |
|
أغلت الشّتوة أبداء الجزر |
أراد التشبيه البليغ.
وصفة الميسر أنهم كانوا يجعلون عشرة قداح جمع قدح بكسر القاف وهو السهم الذي هو أصغر من النبل ومن السهم فهو سهم صغير مثل السهام التي تلعب بها الصبيان وليس في رأسه سنان وكانوا يسمونها الخطاء جمع حظوة وهي السهم الصغير وكلها من قصب النبع ، وهذه القداح هي : الفذ ، والتّوأم ، والرّقيب ، والحلس ، والنّافس ، والمسبل ، والمعلّى ، والسّفيح ، والمنيح ، والوغد ، وقيل النافس هو الرابع والحلس خامس ، فالسبعة الأول لها حظوظ من واحد إلى سبعة على ترتيبها ، والثلاثة الأخيرة لا حظوظ لها وتسمى أغفالا جمع غفل بضم الغين وسكون الفاء وهو الذي أغفل من العلامة ، وهذه العلامات خطوط من واحد إلى سبعة (كأرقام الحساب الروماني إلى الأربعة) ، وقد خطّوا العلامات على القداح ذات العلامات بالشلط في القصبة أو بالحرق بالنار فتسمى العلامة حينئذ قرمة ، وهذه العلامات توضع في أسافل القداح. فإذا أرادوا التقامر اشتروا جزورا بثمن مؤجل إلى ما بعد التقامر وقسموه أبداء أي أجزاء إلى ثمانية وعشرين جزءا أو إلى عشرة أجزاء على اختلاف بين الأصمعي وأبي عبيدة ، والظاهر أن للعرب في ذلك طريقتين فلذلك اختلف الأصمعي وأبو عبيدة ، ثم يضعون تلك القداح في خريطة من جلد تسمى
__________________
(١) هم : بيض ، وحممة ، وطفيل ، وذفافة ، ومالك ، وفرعة ، وثميل ، وعمّار.