الرّبابة بكسر الراء هي مثل كنانة النبال وهي واسعة لها مخرج ضيق يضيق عن أن يخرج منه قدحان أو ثلاثة ، ووكلوا بهذه الربابة رجلا يدعى عندهم الحرضة والضّريب والمجيل ، وكانوا يغشون عينيه بمغمضة ، ويجعلون على يديه خرقة بيضاء يسمونها المجول يعصبونها على يديه أو جلدة رقيقة يسمونها السّلفة بضم السين وسكون اللام ، ويلتحق هذا الحرضة بثوب يخرج رأسه منه ثم يجثو على ركبتيه ويضع الربابة بين يديه ، ويقوم وراءه رجل يسمى الرقيب أو الوكيل هو الأمين على الحرضة وعلى الأيسار كيلا يحتال أحد على أحد وهو الذي يأمر الحرضة بابتداء الميسر ، يجلسون والأيسار حول الحرضة جثيا على ركبهم ، قال دريد بن الصمة :
دفعت إلى المجيل وقد تجاثوا |
|
على الرّكبات مطلع كل شمس |
ثم يقول الرقيب للحرضة جلجل القداح أي حركها فيخضخضها في الربابة كي تختلط ثم يفيضها أي يدفعها إلى جهة مخرج القداح من الربابة دفعة واحدة على اسم واحد من الأيسار فيخرج قدح فيتقدم الوكيل فيأخذه وينظره فإن كان من ذوات الأنصباء دفعه إلى صاحبه وقال له قم فاعتزل فيقوم ويعتزل إلى جهة ثم تعاد الجلجلة ، وقد اغتفروا إذا خرج أول القداح غفلا ألا يحسب في غرم ولا في غنم بل يرد إلى الربابة وتعاد الإحالة وهكذا ومن خرجت لهم القداح الأغفال يدفعون ثمن الجزور.
فأما على الوصف الذي وصف الأصمعي أن الجزور يقسم إلى ثمانية وعشرين جزءا فظاهر أن لجميع أهل القدح القامرة شيئا من أبداء الجزور لأن مجموع ما على القداح الرابحة من العلامات ثمانية وعشرون ، وعلى أهل القداح الخاسرة غرم ثمنه. وأما على الوصف الذي وصف أبو عبيدة أن الجزور يقسم إلى عشرة أبداء فذلك يقتضي أن ليس كل المتقامرين برابح ، لأن الربح يكون بمقدار عشرة سهام مما رقمت به القداح وحينئذ إذا نفدت الأجزاء انقطعت الإفاضة وغرم أهل السهام الأغفال ثمن الجزور ولم يكن لمن خرجت له سهام ذات حظوظ بعد الذين استوفوا أبداء الجزور شيء إذ ليس في الميسر أكثر من جزور واحد قال لبيد :
وجزور أيسار دعوت لحتفها
البيت وإذ لا غنم في الميسر إلا من اللحم لا من الدراهم أو غيرها ، ولعل كلا من وصفي