حمزة والكسائي وخلف ، (تماسوهن) ـ بضم المثناة الفوقية وبألف بعد الميم مضارع ماس ؛ لأن كلا الزوجين يمس الآخر.
وقوله : (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ) الآية عطف على قوله : (لا جُناحَ عَلَيْكُمْ) عطف التشريع على التشريع ، على أن الاتحاد بالإنشائية والخبرية غير شرط عند المحققين ، والضمير عائد إلى النساء المعمول للفعل المقيد بالظرف وهو : (ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا) ، كما هو الظاهر ، أي متعوا المطلقات قبل المسيس ، وقبل الفرض ، ولا أحسب أحدا يجعل معاد الضمير على غير ما ذكرنا ، وأما ما يوجد من الخلاف بين العلماء في حكم المتعة للمطلقة المدخول بها ، فذلك لأدلة أخرى غير هذه الآية.
والأمر في قوله : (وَمَتِّعُوهُنَ) ظاهره الوجوب وهو قول علي وابن عمر والحسن والزهريّ وابن جبير وقتادة والضحاك وإسحاق بن راهويه ، وقاله أبو حنيفة والشافعي وأحمد ؛ لأن أصل الصّيغة للوجوب مع قرينة قوله تعالى : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) وقوله بعد ذلك ، في الآية الآتية : (حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) لأن كلمة (حَقًّا) تؤكد الوجوب ، والمراد بالمحسنين عند هؤلاء المؤمنون ، فالمحسن بمعنى المحسن إلى نفسه بإبعادها عن الكفر ، وهؤلاء جعلوا المتعة للمطلقة غير المدخول بها وغير المسمى لها مهر واجبة ، وهو الأرجح لئلا يكون عقد نكاحها خليا عن عوض المهر.
وجعل جماعة الأمر هنا للندب لقوله بعد : (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ) فإنه قرينة على صرف الأمر إلى أحد ما يقتضيه ، وهو ندب خاص مؤكد للندب العام في معنى الإحسان ، وهو قول مالك وشريح ، فجعلها حقا على المحسنين ، ولو كانت واجبة لجعلها حقا على جميع الناس ، ومفهوم جعلها حقا على المحسنين أنها ليست حقا على جميع الناس ، وكذلك قوله (الْمُتَّقِينَ) في الآية الآتية ، لأن المتقي هو كثير الامتثال ، على أننا لو حملنا المتقين على كل مؤمن لكان بين الآيتين تعارض المفهوم والعموم ، فإن المفهوم الخاص يخصص العموم.
وفي «تفسير الأبي» عن ابن عرفة : «قال محمد بن مسلمة من أصحاب مالك : المتعة واجبة يقضى بها إذ لا يأبى أن يكون من المحسنين ولا من المتقين إلا رجل سوء ، ثم ذكر ابن عرفة عن ابن عبد السلام عن ابن حبيب أنه قال بتقديم العموم على المفهوم عند التعارض ، وأنه الأصح عند الأصوليين ، قلت : فيه نظر ، فإن القائل بالمفهوم لا بد أن يخصص بخصوصه عموم العام إذا تعارضا ، على أن لمذهب مالك أن المتعة عطية