أخرج من الأرض ولكنّه يخمس ، والحق في الحكم بالغنيمة عند المالكية. ولعلّ المراد بما كسبتم الأموال المزكّاة من العين والماشية ، وبالمخرج من الأرض الحبوب والثمار المزكّاة.
وقوله : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) أصل تيمّموا تتيمموا ، حذفت تاء المضارعة في المضارع وتيمّم بمعنى قصد وعمد.
والخبيث الشديد سوءا في صنفه فلذلك يطلق على الحرام وعلى المستقذر قال تعالى : (وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ) [الأعراف : ١٥٧] وهو الضدّ الأقصى للطيّب فلا يطلق على الرديء إلّا على وجه المبالغة ، ووقوع لفظه في سياق النهي يفيد عموم ما يصدق عليه اللفظ.
وجملة (مِنْهُ تُنْفِقُونَ) حال ، والجار والمجرور معمولان للحال قدما عليه للدلالة على الاختصاص ، أي لا تقصدوا الخبيث في حال إلّا تنفقوا إلّا منه ، لأنّ محل النهي أن يخرج الرجل صدقته من خصوص رديء ماله. أما إخراجه من الجيد ومن الرديء فليس بمنهي لا سيما في الزكاة الواجبة لأنّه يخرج عن كل ما هو عنده من نوعه. وفي حديث «الموطأ» في البيوع «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم أرسل عاملا على صدقات خيبر فأتاه بتمر جنيب فقال له : أكلّ تمر خيبر هكذا قال : لا ، ولكنّي أبيع الصاعين من الجمع بصاع من جنيب (١). فقال له : بع الجمع بالدّراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا» ، فدل على أنّ الصدقة تؤخذ من كل نصاب من نوعه ، ولكنّ المنهي عنه أن يخصّ الصدقة بالأصناف الرديئة. وأما في الحيوان فيؤخذ الوسط لتعذّر التنويع غالبا إلّا إذا أكثر عدده فلا إشكال في تقدير الظرف هنا.
وقرأ الجمهور (تَيَمَّمُوا) بتاء واحدة خفيفة وصلا وابتداء ، أصله تتيمّموا ، وقرأه البزي عن ابن كثير بتشديد التاء في الوصل على اعتبار الإدغام.
وقوله : (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) جملة حالية من ضمير تنفقون ويجوز أن يكون الكلام على ظاهره من الإخبار فتكون جملة الحال تعليلا لنهيهم عن الإنفاق من المال الخبيث شرعا بقياس الإنفاق منه على اكتسابه قياس مساواة أي كما تكرهون كسبه كذلك ينبغي أن تكرهوا إعطاءه. وكأنّ كراهية كسبه كانت معلومة لديهم متقرّرة في نفوسهم ، ولذلك وقع القياس عليها.
__________________
(١) الجمع صنف من التمر رديء والجنيب صنف طيب.