هنالك بما يدل على الملابسة والتمكن ، وهو أن استعار لها اللباس الملازم للّابس ، لأن كلمة (شيء) من أسماء الأجناس العالية العامّة ، فإذا أضيفت إلى اسم جنس أو بينت به علم أن المتكلم ما زاد كلمة (شيء) قبل اسم ذلك الجنس إلّا لقصد التقليل لأن الاقتصار على اسم الجنس الذي ذكره المتكلم بعدها لو شاء المتكلم لأغنى غناءها ، فما ذكر كلمة شيء إلّا والقصد أن يدل على أن تنكير اسم الجنس ليس للتعظيم ولا للتنويع ، فبقي له الدلالة على التحقير وهذا كقول السّريّ مخاطبا لأبي إسحاق الصابي :
فشيئا من دم العنقو |
|
د أجعله مكان دمي (١) |
فقول الله تعالى : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ) عدول عن أن يقول بخوف وجوع أما لو ذكر لفظ شيء مع غير اسم جنس كما إذا أتبع بوصف أو لم يتبع أو أضيف لغير اسم جنس فهو حينئذ يدل على مطلق التنويع نحو قول قحيط العجلي :
فلا تطمع أبيت اللعن فيها |
|
ومنعكها بشيء يستطاع |
فقد فسره المرزوقي وغيره بأن معنى بشيء بمعنى من المعاني من غلبة أو معازّة أو فداء أو نحو ذلك اه.
وقد يكون بيان هذه الكلمة محذوفا لدلالة المقام ، كقوله تعالى : (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) [البقرة : ١٧٨] فهو الدية على بعض التفاسير أو هو العفو على تفسير آخر ، وقول عمر بن أبي ربيعة :
ومن مالئ عينيه من شيء غيره |
|
إذا راح نحو الجمرة البيض كالدمى |
أي من محاسن امرأة غير امرأته.
وقول أبي حيّة النّميري :
إذا ما تقاضى المرء يوم وليلة |
|
تقاضاه شيء لا يملّ التقاضيا |
أي شيء من الزمان ، ومن ذلك قوله تعالى : (لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ
__________________
(١) قبل هذا البيت قوله :
أبا إسحاق يا سكني |
|
ألوذ به ومعتصمي |
أرقت دمى وأعوزني |
|
سليل الكرم والكرم |
يريد أنه احتجم ورام شرب قليل من الخمر ليعتاض به عما ضاع من دمه في زعمه.