صنمهم ، في البخاري فيما علّقه (١) عن معمر إلى عائشة قالت «كان رجال من الأنصار ممّن كان يهل لمناة قالوا يا نبيء الله كنا لا نطوف بين الصفا والمروة «تعظيما لمناة». فلما فتحت مكة وأزيلت الأصنام وأبيح الطواف بالبيت وحج المسلمون مع أبي بكر وسعت قريش بين الصفا والمروة تحرج الأنصار من السعي بين الصفا والمروة وسأل جمع منهم النبيصلىاللهعليهوسلم هل علينا من حرج أن نطوف بين الصفا والمروة فأنزل الله هذه الآية.
وقد روى مالك رحمهالله في «الموطأ» (٢) عن هشام بن عروة عن أبيه عروة بن الزبير قال قلت لعائشة وأنا يومئذ حديث السن أرأيت قول الله تعالى : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) ، فما على الرجل شيء أن لا يطّوّف بهما فقالت عائشة كلّا لو كان كما تقول لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما ، إنما أنزلت هاته (٣) الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله عن ذلك فأنزل الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ)» الآية.
وفي البخاري عن أنس كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) ، وفيه كلام معمر المتقدم أنهم كانوا في الجاهلية لا يطوفون بين الصفا والمروة تعظيما لمناة.
فتأكيد الجملة بأنّ لأن المخاطبين مترددون في كونهما من شعائر الله وهم أميل إلى اعتقاد أن السعي بينهما من أحوال الجاهلية ، وفي «أسباب النزول» للواحدي أن سؤالهم كان عام حجة الوداع ، وبذلك كله يظهر أن هذه الآية نزلت بعد نزول آية تحويل القبلة بسنين فوضعها في هذا الموضع لمراعاة المناسبة مع الآيات الواردة في اضطراب الفرق في أمر القبلة والمناسك.
والصفا والمروة اسمان لجبيلين متقابلين فأما الصفا فهو رأس نهاية جبل أبي قبيس ،
__________________
(١) وقد وصله أحمد وغيره.
(٢) أخرجه أيضا البخاري في : ٢٥ ، «كتاب الحج» ، ٧٩ ، باب وجوب الصفا والمروة ... ومسلم في : ١٥ ، «كتاب الحج» ، ٤٣ ، باب بيان أن السعي بين الصفا والمروة ركن لا يصح الحج إلّا به. حديث ٢٥٩ و ٢٦٠ و ٢٦١.
(٣) في «الموطأ» ١ / ٣٧٣ ، تحقيق عبد الباقي ، (هذه).