ويحكون في أصل طائفتهم حكاية طويلة خلاصتها أن أصلهم من آل تنوخ نزحوا حين خروج بني إسرائيل من مصر فتفرقوا إلى اليمن والعراق والشام وكانت منهم ملوك العرب الذين أولهم يعرب بن قحطان وملوك الحيرة وغيرهم من رؤساء العرب ، وأن فريقا منهم رحل إلى معرة حلب وصاهر النعمان أمير المعرة وكان اسمهم في ذلك الحين أمراء بني هاشم التنوخي وبني الأمير فوارس وبني عبد الله وبني مطوّع وبني خالد وأنهم حين ظهور الإسلام كانوا نصارى ثم لما جاءت الصحابة لفتح البلاد الشامية ظاهروهم ونصروهم حمية لهم إذ كانوا مثلهم عربا ثم أسلموا ثم صاروا من حزب الحاكم بأمر الله وتقربوا منه ثم قتلوا عامله عليهم الدرزي لمخالفته اعتقادهم وأنهم بعد ذلك نالوا حظوة عند جميع ملوك الإسلام حتى ملوك آل عثمان.
وخلاصة الكلام في نحلتهم أنهم يؤمنون بوجود الباري تعالى ونبوة أنبيائه العظام الذين منهم المسيح عليه السلام إلا أنهم يعتقدون أن الآلهية حلت في ناسوت الحاكم بأمر الله وأن المشروعات الإسلامية كالصوم والصلاة مفروضة عليهم تقية لا تدينا وهم يقرون بالحشر والنشر ومجازاة النفوس على أعمالها من قبيل ناسوت الحاكم ، ويؤمنون بالقرآن العظيم والتوراة والإنجيل إلا أنهم يفسرون معانيها على مقاصدهم. والمشهور عنهم في الكتب الإسلامية أنهم كانوا في الأصل اسماعيلية ثم جاءهم حمزة بن علي الداعي إلى الحاكم بأمر الله فزين لهم الاعتقاد بربوبية الحاكم ووضع لهم دينا من عنده يخالف دين الإسماعيلية بكثير من المسائل فحملهم على اتباعه فأجابوه وانشقوا عن الإسماعيلية. وفسر البعض منهم قوله تعالى (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) بهذا الانشقاق. ولحمزة هذا كتب ورسائل دينية محفوظة في مكتبات أوروبا تكلم عليها صاحب دائرة المعارف العربية بإسهاب فراجعها إذا شئت. وقد وقعت إلي قطعة من بعض كتبهم المخطوطة لخصت منها هذه النبذة وهي :
على كل درزي أن يعرف أربعا وخمسين فريضة عشرة منها مقامات ربانية وهي العلي والبارّ وأبو زكريا والعلي الأعلى والمعلّ القائم والمنصور والمعزّ والعزيز والحاكم. وكلهم آله واحد ظهر بهيئة واسم ونطق وفعل. فالهيئة الصورة كصورتنا والاسم الحاكم والنطق المجالس والسجلات والفعل المعجزات. ومنها عشرة هي الفروض التوحيدية وهي معرفة الباري وتنزيهه ومعرفة الإمام وتمييزه ومعرفة الحدود بأسمائها ومراتبها وألقابها وصدق اللسان وحفظ الاخوان وترك ما كنتم عليه من عبادة العدم والبهتان والبراءة من الأبالسة والطغيان وتوحيد