كؤوس الشراب الطّهور على الحاضرين ثم قهوة البنّ ، فيشربون وينهضون إلى الانصراف ويقولون لأقرب من يكون للزوج وهم منصرفون : جعله الله مباركا.
هذا ما يكون عند الرجال ، وأما ما يكون عند النساء فإنهن بعد ذهاب الرجال يجتمعن إلى الدار المذكورة ويجلسن العروس بحليها وحللها على كرسي خصوصي ، وتبتدر القينات بالأغاني والعزف بالآلات ويطعم الجميع من الحلوى المتقدم ذكرها ويدار عليهن كؤوس المرطبات ويجمع النقوط للقينات فقط إن سمح رب الدعوة بذلك وإن كان شرط عليهن أن يكتفين بما يعطيهن من الأجرة فلا يجمعن شيئا وإن جمعن فلا يأخذن منه شيئا بل هو لصاحب الدعوة إذا كان ضعيف الحال. ثم إن النسوة يبقين إلى مساء ذلك اليوم وفيه يرجعن إلى بيوتهن وفيها يتعشين.
وأما حفلة الزفاف فهي أنه بعد مضي برهة من الزمن يجهز أهل الزوجة ما يلزمها من الملبوس والمفروش والأواني ، ينفقون على ذلك المهر الذي أخذوه من الزوج ويضيفونه (١) شيئا على حسب حالهم كما بيناه آنفا ، ثم في يوم معين ينقلونه إلى بيت الزوج إما على ظهور الدواب المجمّلة سروجها بالخرز والودع المعصّبة رؤوسها بالمناديل الملونة وإما على ظهور الحمالين ، وهذا أكثر عند الأكابر وقد اعتاد سكان الأطراف غالبا أن يقدموا أمام الدواب جماعة يلعبون بالسيوف والتراس والعصيّ ، وآخرين معهم طبل وزمر وأمامهم واحد ينشد أدوارا من الزجل وهم يرددون اللازمة ويصفقون ويضجّون ويطولون ويقصرون حتى يصلوا إلى بيت الزوج فيوضع فيه الجهاز. ثم في ثاني أو ثالث يوم يأتي أهل الزوجة ويفرشونه في البيت المعدّ له ويصنع لهم أهل الزوج في ذلك اليوم غداء.
ومن جملة العادات المستعملة عند هؤلاء وأمثالهم أن يجتمعوا عدة ليال قبل ليلة القران في دار ذات ساحة فسيحة ويحضرون فيها طبّالا وزمّارا ويفتحون باب الدار لكل وارد فيجتمع إليها جم غفير من أخلاط الناس ويضرب الطبل وينعر الزمر ويقوم اثنان ويتلاعبان بالسيوف كالمتنازلين في الحرب إلى أن يغلب أحدهما فيقوم آخر وهكذا إلى آخر الليل. وربما داخل أحدهما الحنق على صاحبه فضربه مجدا وأثرا فيه. وقد يقوم اثنان يتلاعبان بالعصي على نسق المتلاعبين بالسيوف. وهذه الليالي تسمى بالتعاليل وفي كل ليلة منها يقوم
__________________
(١) الصواب : «ويضيفون إليه».