ذكر القضاة الشافعية
ممن ولي قضاء حلب في أيام الدولة العباسية عبد الله محمد ناصر الدين بن محمد بن إدريس الشافعي ، وهو أكبر ولد الشافعي. ولي قضاء حلب وقضاء الجزيرة مضافا إلى حلب وكانت الجزيرة تضاف إليها في الولايات. وفي سنة ٢١٥ ولي قضاء حلب عبيد ابن جناد بن أعين مولى بني كلاب. وفي سنة ٢٦٤ ولي قضاءها عبيد الله بن عبد العزيز العمري. وفي سنة ٢٨٦ وليه مع قضاء قنسرين أبو زرعة محمد بن عثمان الدمشقي. وفي سنة ٢٩٠ ولي قضاء حلب محمد به محمد الجدوعي. وفي سنة ٢٩٧ كان القاضي بحلب وقنّسرين محمد بن أبي موسى عيسى الضرير الفقيه ثم صرف عنها سنة ٣٠٠ بأبي حفص عمر بن الحسن بن نصر الحلبي القاضي.
ورأيت في كتاب مروج الذهب للمسعودي كلاما صريحا في أن قاضي حلب سنة ٣٠٩ كان إبراهيم بن جابر القاضي ، وخلاصة كلامه (١) أنه كان يعهد المذكور وهو في بغداد يعالج الفقر ويتلقاه من خالقه بالرضا ناصرا الفقر على الغنى فما مضت أيام حتى لقيه في حلب من بلاد قنسرين والعواصم من أرض الشام وذلك سنة ٣٠٩ وإذا هو بالضد عما عهده متوليا القضاء على ما وصفه ناصرا ومشرفا للغنى على الفقر. فقال له : أيها القاضي أين تلك الحكاية التي كنت تحكيها عن الوالي الذي كان بالري وأنه قال لك إن الخواطر اعترضتني بين منازل الفقراء والأغنياء فرأيت في النوم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال لي : يا فلان ما أحسن تواضع الأغنياء للفقراء شكرا لله تعالى وأحسن من ذلك تعزيز (٢) الفقراء على الأغنياء ثقة بالله تعالى. فقال لي : إن الخلق تحت التدبير لا ينفكون عن أحكامه في جميع متصرفاتهم.
قال المسعودي : وكنت كثيرا ما أسمعه فيما وصفنا من حال فقره يذم ذوي الحرص على الدنيا ويذكر في ذلك خبرا عن علي كرم الله وجهه (٣) كان يقول : ابن آدم لا تتحمل
__________________
(١) انظر مروج الذهب ٤ / ١٧٤ ط. بيروت ١٩٦٥ م.
(٢) في المروج : تعزّز.
(٣) بعده في المروج : «وهو أن عليا».