ثم في كل يوم اثنين وخميس يركب بالكلفته والقبا (١) ويركب معه المقدمون وأرباب المناصب من الترك والجند ويسير إلى قبة المارداني ومعه الجاويشية يزعقون بين يديه ثم يعود فيقف تحت القلعة راكبا وتعرض عليه الخيول والأملاك ويجهر النداء بالأمان للرعية وإظهار العدل. ثم يتقدم كتبة الأمراء من هناك إلى باب دار العدل وهو مدى طويل والأمراء المتقدمون ثمانية ، لكل واحد منهم مماليك عبرتهم (٢) أن يكونوا مئة فإن موضوع هؤلاء الأمراء أن يكون كل منهم أمير مئة فارس ومقدّم ألف وقد صار مدة طويلة دوادار (٣) من قبل السلطان يكون قائما في خدمة النائب لكنه عينا (٤) عليه وكان في الغالب من أمراء الطبلخانات وقد يكون من المقدمين.
وأما نائب القلعة فكان قديما من أصاغر الأمراء. ثم من فتنة الناصري قرر أمير مئة مقدم ألف واستمر كذلك إلى يومنا هذا وليس في نواب قلاع القاهرة ودمشق وغيرهما مقدم ألف إلا نائب قلعة حلب خاصة ولم يكن له عادة بحضور الموكب ثم صار بعضهم يحضر أحيانا فيجلس دون أمير الميسرة وأمير الميسرة يجلس إلى جانب حاجب الحجاب (عود إلى إتمام كيفية الحال في يوم الموكب) فإذا وصل النائب إلى تجاه القلعة اصطفت البحرية وقوفا له حتى يسلم عليهم ثم يدخل عليهم فيقوم حاجب الحجاب وعصاه في يده ويمشي في خدمته إلى قرب الإيوان الذي يجلس عليه وهو تجاه الباب الكبير وليس بين الباب وبين الإيوان حجاب ولا سترة ويكون قد سبقه إليه قاضي القضاة فيجلسون سطرا واحدا عن يساره وتبقى يمينه خلا ، ثم يجلس إلى جانب قاضي القضاة قاضيا العسكر ومفتيا دار العدل وتجاههم كاتب السر وناظر الجيش ثم إلى جانب ناظر الجيش الموقعون فتدور الحلقة ويقف الدوادار الكبير وراء كاتب السر وناظر الجيش خارج الحلقة فإن كان الوزير متعمما جلس معهم وإن كان تركيا جلس بين يدي الترك فيسلم عن يساره على القضاة ثم عن يمينه على الأمراء ثم تجاهه على بقية الجماعة ثم يجلس على مكان مرتفع نحو نصف ذراع معدّ لجلوسه ويجلس حاجب الحجاب على درجة أسفل من ذلك المكان بحيث يكون رأسه
__________________
(١) انظر «حاشية» المؤلف أسفل ص ٢٤٥.
(٢) يعني مقدارهم ومبلغ عددهم (تقديرا).
(٣) موضع الكلمة النصب «دوادارا».
(٤) الصواب الرفع «عين» خبر لكنّ.