مكانته في بلده
بلغ الغزي بعلمه وجدّه منزلة فريدة عند الحكام ، وقد قرأنا في الجزء الثالث من «النهر» عن علاقاته الوثيقة بولاة حلب العثمانيين وثقتهم الشديدة به. فعرفنا أن الصدر الأعظم محمد رشدي باشا الشرواني قد اصطحبه معه إماما عندما حول عن ولاية حلب إلى مكة المكرمة سنة ١٢٩١ ه / ١٨٧٤ م ، فلبث فيها ثمانية أشهر عاد بعدها إلى بلده وعمره يومئذ عشرون سنة. وأن الصدر الأعظم كامل باشا قد اتخذه إماما له في صلاة التراويح أثناء ولايته حلب ١٢٩٤ ه ـ ١٢٩٦ ه / ١٨٧٧ م ـ ١٨٧٨ م. ويبدو أنه قد نعم بثقة حسين جميل باشا ١٢٩٧ ه ـ ١٣٠٤ ه / ١٨٧٩ م ـ ١٨٨٦ م فأناط به رئاسة تحرير جريدة الفرات الرسمية الأسبوعية سنة ١٣٠٠ ه / ١٨٨٢ م وطلب إليه تأريخ تجديد عمارة حوض الجامع الكبير سنة ١٣٠٢ ه / ١٨٨٤ م. وكذلك كان أمره مع رائف باشا ١٣١٣ ه ـ ١٣١٨ ه / ١٨٩٥ م ـ ١٩٠٠ م الذي أعجب بعلمه وشخصيته ، فطلب إليه إلقاء خطبة افتتح بها حفل وضع أساس منارة ساعة باب الفرج سنة ١٣١٦ ه / ١٨٩٨ م.
ونظرا للكفاءة الإدارية التي امتاز بها عرض عليه أنيس باشا ١٣١٨ ه ـ ١٣٢٠ ه / ١٩٠٠ م ـ ١٩٠٢ م تولي إدارة مكتب الصنائع الذي أنشئ في عهده فقبل. وإذ عزل أنيس باشا خلفه مجيد بك ١٣٢٠ ه ـ ١٣٢٢ ه / ١٩٠٢ م ـ ١٩٠٤ م وكان له ابن على جانب عظيم من الزهو والخيلاء ، فأخذ يضايق الغزي بشتى المضايقات ، فآثر السلامة بترك إدارة مكتب الصنائع حتى بلغ الخبر الوالي ، فاستاء من ولده وزجره واسترضى الغزي ليعود إلى إدارة مكتب الصنائع ثانية. ثم اتصل بناظم باشا ١٣٢٣ ه ـ ١٣٢٧ ه / ١٩٠٥ م ـ ١٩٠٩ م الذي أعجب بنظمه وإنشائه ، فطلب إليه تأريخ توسيع حجازية الجامع الكبير بأبيات من نظمه سنة ١٣٢٥ ه / ١٩٠٧ م. وعلت منزلته عند جلال بك ١٣٣١ ه ـ ١٣٣٣ ه / ١٩١٢ م ـ ١٩١٤ م فسيره إلى دمشق لاستقبال العلم النبوي الشريف المحمول إليها من المدينة المنوّرة إيذانا بالنفير العام. وقد توطدت الصلة بينه وبين توفيق بك الذي ولي حلب سنة ١٣٣٥ ه / ١٩١٦ م ولا