وفاضت عيون من نواحيه ذرّف |
|
ولمّا تعاونها جفون وآماق (١) |
ومنها :
هو الماء إن يوصف (٢) بكنه صفاته |
|
فللماء إغضاء لديه وإطراق |
ففي اللون بلّور وفي اللمع لؤلؤ |
|
وفي الطعم قنديد (٣) وفي النفع درياق |
إذا عبثت أيدي النسيم بوجهه |
|
وقد لاح وجه منه أبيض برّاق |
فطورا عليه منه زرق حقيقة |
|
وطورا عليه جوشن منه رقراق |
وكم عنده نيلوفر متشوّف |
|
رؤوس كتبر والزبردج أعناق |
وقد عابه قوم ، وكلّهم له |
|
على ما تعاطوه من العيب عشّاق |
يهاب قويق أن يملّ فإنما |
|
يقيم زمانا ثم يمضي فيشتاق |
وقالوا أليس الصيف يبلي لباسه |
|
فقلت : الفتى في الصيف يقنعه طاق |
وما الصبح إلا آئب ثم غائب |
|
تواريه آفاق وتبديه آفاق |
وله فيه أيضا :
قويق على الصفراء ركّب جسمه |
|
فما لهب القيظ الأليم يطابقه |
إذا جدّ جدّ الصيف غادر جسمه |
|
ضئيلا ، ولكنّ الشتاء يوافقه |
قال ابن الشحنة : يريد أن أصحاب الأمزجة الصفراوية تنتحل أجسامهم في الصيف ويوافقهم الشتاء وأن قويقا يقل ماؤه في الصيف حتى يصير حول المدينة كالساقية.
قال : وقد فهمت من هذا أمرا بديعا وراء ما ذكره ابن شداد ، وهو أن قويقا تصغير قاق الطائر المعروف ، وهو يخالف طبعه الحرّ ، فيكون في غاية الضعف صيفا وفي غاية النشاط شتاء. ثم قال : عن ابن شداد عن أبي النصر محمد بن إبراهيم الخضر الحلبي (٤) :
__________________
(١) في الأصل : «وأوراق» سهو من المؤلف ، وهي قافية البيت الذي قبله في القصيدة. والتصويب من ابن الشحنة والديوان.
(٢) في الأصل : «يصف» والتصويب من ابن الشحنة والديوان.
(٣) في الأصل : «قندود» تحريف. والقنديد : عسل قصب السكر إذا جمد.
(٤) أبو نصر الحلبي : هو محمد بن محمد بن إبراهيم بن الخضر ، توفي سنة ٦٥٥ ه.