١٦٠ ـ قوله : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (١٨٨) فى هذه السورة ، وفى يونس : (قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا ما شاءَ اللهُ) (٤٩) ، لأن أكثر ما جاء فى القرآن من لفظى الضر والنفع معا جاء بتقديم لفظ الضر على النفع ، لأن العابد يعبد معبوده خوفا من عقابه أولا ، ثم طمعا فى ثوابه ثانيا ، يقويه قوله : (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً) «٣٢ : ١٦» وحيث تقدم النفع على الضر تقدم لسابقة لفظ تضمن نفعا ، وذلك فى ثمانية مواضع ، ثلاثة منها بلفظ الاسم. وهى : هاهنا ، والرعد ، وسبأ (١) ، وخمسة بلفظ الفعل ، وهى فى الأنعام : (يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا) (٧١) ، وآخر فى يونس : (ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ) (١٠٦) ، وفى الأنبياء : (ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ) (٦٦) ، وفى الفرقان : (ما لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ) (٥٥) ، وفى الشعراء : (يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ) (٧٣).
أما فى هذه السورة فقد تقدمه : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ ...) (١٧٨) فقدم الهداية على الضلالة ، وبعد ذلك :(لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ) (١٨٨) ، فقدم الخير على السوء ، فلذلك قدم النفع على الضر.
وفى الرعد : (طَوْعاً وَكَرْهاً) (١٥) فقدم الطوع ، وفى سبأ : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) (٣٦) فقدم البسط.
وفى يونس قدّم الضر على الأصل ، ولموافقة ما قبلها : (ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) (١٨) وفيها : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ) (١٢) فيكون فى الآية ثلاث مرات.
وكذلك ما جاء بلفظ الفعل فلسابقة معنى يتضمن فعلا.
__________________
(١) فى الرعد : (أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) [١٦] ، وفى سبأ : (فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا) [٤٢].