الآية الأخرى : (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ) (٨٥) بالواو ، لأن الفاء تتضمن معنى الجزاء ، والفعل الذى قبله مستقبل يتضمن معنى الشرط ، وهو قوله : (وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كارِهُونَ) (٥٤). أى : إن يكن منهم ذلك فما ذكر جزاؤهم ، فكان الفاء هاهنا أحسن موقعا من الواو ، والتى بعدها جاء قبلها : (كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَماتُوا) (٨٤) بلفظ الماضى وبمعناه ، والماضى لا يتضمن معنى الشرط ، ولا يقع من الميت فعل ، فكان الواو أحسن.
١٧٢ ـ قوله : (وَلا أَوْلادُهُمْ) (٥٥) بزيادة (لا) ، وقال فى الأخرى : (وَأَوْلادُهُمْ) (٨٥). بغير (لا) ، لأنه لمّا أكّد الكلام الأول بالإيجاب بعد النفى وهو الغاية ، وعلق الثانى بالأول تعليق الجزاء بالشرط ، اقتضى الكلام الثانى من التوكيد ما اقتضاه الأول ، فأكد معنى النهى بتكرار (لا) فى المعطوف.
١٧٣ ـ وقوله : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ) (٥٥) ، وقال فى الأخرى : (أَنْ يُعَذِّبَهُمْ) (٨٥) ، لأن (أَنْ) فى هذه الآية مقدرة ، وهى الناصبة للفعل فصار فى الكلام هاهنا زيادة كزيادة (الباء ، ولا) فى الآية.
١٧٤ ـ قوله : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٥٥) ، وفى الآية الأخرى : (فِي الدُّنْيا) (٨٥) ، لأن الدنيا صفة الحياة فى الآيتين ، فأثبت الموصوف والصفة فى الأولى ، وحذف الموصوف فى الثانية ، اكتفاء بذكره فى الأولى (١) ، وليس الآيتان مكرّرتين ، لأن الأولى فى قوم ،
__________________
(١) فى الأصول : وهو أن المحذوف فى هذه الآية محذوف. والمثبت عن (البحر المحيط ٥ / ٨١) وعن السياق. وقدره أبو حيان : إنما يريد الله ابتلاءهم بالأموال والأولاد ليعذبهم. وهو أوضح.
ويرى أبو حيان أنه ليس تكرارا ، لأن الآيتين فى فريقين من المنافقين ، وقيل : أراد بالأولى لا تعظمهم فى حال حياتهم ولا بعد مماتهم (المصدر السابق).