والجملة إذا جاءت بعد جملة من غير تراخ بنزول جاءت مربوطة بما قبلها (١) ، إما بواو العطف ، وإما بكناية تعود من الثانية إلى الأولى ، وإما بإشارة فيها إليها ، وربما يجمع بين الاثنين منها (٢) والثلاثة للدلالة على مبالغة فيها ، ففي براءة : (خالِدِينَ فِيها ذلِكَ الْفَوْزُ) (٨٩) ، (خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ) (١٠٠) ، وفيها أيضا : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ) (٧٢) فجمع بين اثنين ، وبعدها : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١١١) فجمع بين الثلاثة تنبيها على : أن الاستبشار من الله تعالى يتضمن رضوانه ، والرضوان يتضمن الخلود فى الجنان.
قلت : ويحتمل أن ذلك لما تقدمه من قوله : (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ) (١١١) ، ويكون كل واحد منها فى مقابلة واحد ، وكذلك فى المؤمن تقدمه (٣) (فَاغْفِرْ) (٧) (وَقِهِمْ) (٧) (وَأَدْخِلْهُمْ) (٨) فوقعت فى مقابلة الثلاثة.
١٧٧ ـ قوله : (وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) (٨٧) ، ثم قال بعده : (وَطَبَعَ اللهُ) (٩٣) ، لأن قوله : (وَطُبِعَ) محمول على رأس المائة ، وهو قوله : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (٨٦) مبنى للمجهول ، والثانى : محمول على ما تقدم من ذكر الله تعالى مرات ، فكان اللائق (وَطَبَعَ اللهُ). ثم ختم كل آية بما يليق بها فقال فى الأولى : (لا يَفْقَهُونَ) ، وفى الثانية : (لا يَعْلَمُونَ) ، لأن العلم فوق الفقه ، والفعل المسند إلى الله فوق المسند إلى المجهول.
١٧٨ ـ قوله : (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ) (٩٤) ، وقال فى الأخرى : (فَسَيَرَى (٤) اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
__________________
(١) فى أ : مما قبلها.
(٢) فى الأصول : بين اثنين منها والثلاثة.
(٣) فى ب : فى المؤمن أى «غافر» لقومه. تحريف.
(٤) فى أ : (وَسَيَرَى) خطأ.