السورة التي يذكر فيها الصافات
قوله تعالى : (إِذْ جاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [٨٤] أي مستسلم مفوض إلى ربه بكل حال راجع لسره.
قوله تعالى : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ (٨٨) فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) [٨٨ ـ ٨٩] قال : وحكي عن محمد بن سوار عن أبي عمرو بن العلاء قال : معناه نظر إلى النبات ، كقوله : (وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ) [الرحمن : ٦] وأراد بالنجم ما لا ساق له من النبات ، وبالشجر ما له ساق.
قوله : (وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) [١٠٧] قال : إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما أحب ولده بطبع البشرية تداركه من الله فضله وعصمته حتى أمره بذبحه ، إذ لم يكن المراد منه تحصيل الذبح ، وإنما كان المقصود تخليص السر من حب غيره بأبلغ الأسباب ، فلما خلص السر له ورجع عن عادة الطبع فداه بذبح عظيم.
قوله : (إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ) [١٠٦] قال : يعني بلاء رحمة ، ألا ترون كيف بعثه على الرضى. قال : وبلغنا أنه مكتوب في الزبور : «ما قضيت على مؤمن قضاء أحبّه أو كرهه إلا وهو خير له». وحكي أن الله تعالى أوحى إلى إبراهيم صلوات الله عليه : ما من أحد وسّعت إليه إلا أنقصت بقدره من آخرته ، ولو كنت أنت يا خليلي. وقال أبو يعقوب السوسي : جاءنا فقير ونحن بأرجّان وسهل بن عبد الله يومئذ بها ، فقال : إنكم أهل العناية فقد نزلت بي محنة ، فقال له سهل : في ديوان المحنة وقعت منذ تعرضت لهذا الأمر ، فما هي؟ قال : فتح لي شيء من الدنيا فاستأثرت به في غير ذوي محرم ففقدت إيماني وحالي. فقال سهل : ما تقول في هذا يا أبا يعقوب؟ فقلت : محنته بحاله أعظم من محنته بإيمانه. فقال لي سهل : مثلك يقول هذا يا أبا يعقوب (١)؟ وسئل سهل عن الحال فقال : حال الذكر من العلم السكون ، وحال الذكر من العقل الطمأنينة ، وحال التقوى من الإسلام الحدود ، ومن الإيمان الطمأنينة. وقال : إذا كان للعبد حال فدخل عليه البلوى ، فإن طلب الفرج بحال دون تلك الحال فهو منه حدث. قيل : وكيف ذلك؟ قال : مثل أن يكون جائعا فيطلب الشبع ، لأن درجة الجائع أعلى.
قوله : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) [١٤٣] قال : يعني من القائمين بحقوق الله تعالى قبل البلاء ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) اللمع لابن السراج ص ١٩٣.