السورة التي يذكر فيها الحديد
قوله تعالى : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ) [٣] قال : اسم الله الأعظم مكنى عنه في ست آيات من أول سورة الحديد من قوله : (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) [٣] وليس المعنى في الأسماء إلا المعرفة بالمسمى ، والمعنى في العبادة إلا المعرفة في العبودية. ومعنى الظاهر ظاهر العلو والقدرة والقهر ، والباطن الذي عرف ما في باطن القلوب من الضمائر والحركات.
قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) [٤] قال : باطن الآية الأرض نفس الطبع ، فيعلم ما يدخل القلب الذي فيها له من الصلاح والفساد.
(وَما يَخْرُجُ مِنْها) [٤] من فنون الطاعات ، فتبين آثارها وأنوارها على الجوارح.
(وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) [٤] عليها من آداب الله تعالى إياه. (وَما يَعْرُجُ فِيها) [٤] إلى الله من الروائح الطيبة والذكر.
قوله تعالى : (وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) [٦] قال : باطنها الليل نفس الطبع والنهار نفس الروح ، فإذا أراد الله تعالى بعبده خيرا ألّف بين طبعه ونفس روحه على إدامة الذكر ، فأظهر ذلك على مقابلة أنوار الخشوع.
قوله تعالى : (آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [٧] قال : يعني ورثكم من آبائكم وملككم ، فأنفقوا عيش أنفسكم الطبيعية من الدنيا في طاعته وطاعة رسوله.
(فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا) [٧] أعمارهم في الوجوه التي أمرهم الله بالإنفاق فيها.
(لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) [٧] وهو البقاء مع الباقي في جنته ورضاه.
قوله تعالى : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) [١١] قال : أعطى الله عباده فضلا ، ثم سألهم قرضا حسنا ، والقرض الحسن المشاهدة فيه ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اعبد الله كأنك تراه» (١).
وحكي عن أبي حازم أنه قال : إن بضاعة الآخرة كاسدة ، فاستكثروا من أوان كسادها ، فإذا جاء يوم نفاقها لم تقدروا منها على قليل ولا على كثير (٢).
__________________
(١) صحيح البخاري : الإيمان ، ٥٠ ؛ وصحيح مسلم : الإيمان ، ٨ ؛ وسنن أبي داود رقم ٤٦٩٥.
(٢) الحلية ٣ / ٢٤٢ ؛ وصفوة الصفوة ٢ / ١٦٣.