السورة التي يذكر فيها الرحمن
قوله تعالى : (عَلَّمَهُ الْبَيانَ) [٤] قال : يعني علّمه الكلام الذي هو من نفس الروح وفهم العقل وفطنة القلب وذهن الخلق وعلم نفس الطبع ، ألهم الله ذلك آدم عليهالسلام وبين ذلك.
قوله تعالى : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ) [٧] قال : باطنها الأمر والنهي على الجوارح.
قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) [١٧] قال : باطنها مشرق القلب ومغربه ومشرق اللسان ومغربه ، ومشرق توحيده ومغربه مشاهدته. وقال تعالى : (بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج : ٤٠] أي مشارق الجوارح بالإخلاص ، ومغاربها بالطاعة للناس ظاهرا وباطنا.
قوله تعالى : (مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيانِ) [١٩] قال : أحد البحرين القلب ، فيه أنواع الجواهر : جوهر الإيمان وجوهر المعرفة وجوهر التوحيد وجوهر الرضى وجوهر المحبة وجوهر الشوق وجوهر الحزن وجوهر الفقر وغيرها ؛ والبحر الآخر النفس.
قوله تعالى : (بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ) [٢٠] وهو العصمة والتوفيق.
قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) [٤٦] قال لبيد : همّ بمعصية ، ثم ذكر مقامه بين يدي الله تعالى يوم الحساب ، فانتهى عنها (١). ولقد بلغني أن شابا في خلافة عمر رضي الله عنه كان له جمال ومنظر ، وكان عمر رضي الله عنه يعجبه الشاب ويتفرس فيه الخير ، فاجتاز الفتى بامرأة فأعجب بها ، فلما أراد أن يهمّ بالفاحشة نزلت عليه العصمة ، فخرّ لوجهه مغشيا ، فحملته المرأة إلى منزله ، وكان له أب شيخ كبير ، إذا أمسى جلس على الباب ينتظره ، فلما رآه الشيخ غشي عليه ، فلما أفاق سأله عن حاله ، فقصّ عليه ، ثم صاح صيحة فخرّ ميتا ، فلما دفن وقف وقرأ عمر رضي الله عنه على قبره : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) [٤٦] فناداه من القبر : إن الله أعطانيهما وزادني معهما ثالثة (٢).
قوله تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ) [٥٦] قال : أي غاضات الأبصار عن غير أزواجهن فمن قصر طرفه في الدنيا عن الحرام والشبهات ، وعن اللذات وزينتها ، أعطاه الله في الجنة قاصرات الطرف ، كما وعد. قوله تعالى : (حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ) [٧٢] قال : أي محبوسات في الخيام. وقد حكى محمد بن سوار بإسناده عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال :
«إن للمؤمن في الجنة خيمة من لؤلؤة بيضاء طولها ثلاثون ميلا فيها أهلون لا يرى بعضهم بعضا» (٣) ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) نسب هذا القول إلى مجاهد في كتاب الورع ص ١١٥.
(٢) ورد مثل هذا الخبر في شعب الإيمان ١ / ٤٦٨ (رقم ٧٣٦).
(٣) صحيح مسلم رقم ٢٨٣٨ باب في صفة خيام الجنة ، وصحيح البخاري برقم ٤٥٩٨.