السورة التي يذكر فيها مريم عليهاالسلام
قوله تعالى : (وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا) [١٣] أي فعلنا ذلك رحمة من لدنا بأبويه ، (وَزَكاةً) [١٣] أي طهرناه من ظنون الخلق إليه فيه ، (وَكانَ تَقِيًّا) [١٣] أي مقبلا علينا ، معرضا عما سوانا. وقال : إن أحوال الأنبياء كلها محضة.
وقوله : (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) [٣١] يعني آمر بالمعروف ، وأنهى عن المنكر ، وأرشد الضال ، وأنصر المظلوم ، وأغيث الملهوف.
قوله عزوجل : (وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا) [٣٢] أي جاهلا بأحكامه متكبرا على عبادته ، وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «الكبرياء رداء الله من نازع الله فيه أكبه على منخره في النار» (١).
وسئل عن قوله عزوجل : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) [٢٦] فقال : صمتا عن الكل ، إلا عن ذكرك ، إذا سأل الصائم أن تقر عينه بك ، ويسكن قلبه إليك لا إلى غيرك ، (فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا) [٢٦].
قوله : (وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا) [٥٢] أي مناجيا للمكاشفة التي لا تخفى من الحق على القلوب محادثة وودا ، كما قال تعالى : (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) [٩٦] أي مكاشفة تتخذ الأسرار من غير واسطة. وهذا مقام من الله للذين صدقوا الله في السر والعلانية.
قوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ) [٦١] يعني معاينة الحق بمعنى القرب الذي جعله بينه وبينهم ، فيرى العبد قلبه في قرب الحق مشهودا في غيب الغيب ، وغيب الغيب هو نفس الروح وفهم العقل وفطنة المراد بالقلب ، فإن نفس الروح موضع العقل ، وهو موضع القدس ، والقدس متصل بالعرش ، وهو اسم من أسماء العرش ، وجعل الله تعالى للنفس جزءا من ألف جزء من الروح ، بل أقل من ذلك ، فإذا صارت إرادة الروح إرادة النفس أعطيا فيما بينهما الفطنة والذهن ، والفطنة إمام الذهن ، والفهم إمام الذهن ، والفطنة حياة ،
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ١ / ١٢٩ ؛ وسنن أبي داود : باب ما جاء في الكبر ، رقم ٤٠٩٠ ؛ وسنن ابن ماجة :
باب البراءة من الكبر ، رقم ٤١٧٤ ؛ ومسند أحمد ٢ / ٢٤٨ ، ٣٧٦ ، ٤١٤ ، ٤٢٧ ، ٤٤٢.