السورة التي يذكر فيها المزمل
صلىاللهعليهوسلم
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ) [١] قال : المزمل الذي تزمل في الثياب وضمها عليه ، وهو في الباطن اسم له معناه : يا أيها الجامع نفسه ونفس الله عنده.
قوله تعالى : (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) [٦] قال : يعني الليل كله وما ينشئه العبد من عبادة الليل هي أشد مواطأة على السمع والقلب من الإصغاء والفهم. (وَأَقْوَمُ قِيلاً) [٦] أي وأثبت رتبة ، وقيل : وأصوب قيلا ، لأنه أبعد من الرياء. قال الحسن رحمة الله عليه : لقد أدركت أقواما يقدرون على أن يعملوا في السر ، فأرادوا أن يعملوه علانية ، ولقد أدركت أقواما إن أحدهم ليأتيه الزوار فيقوم من الليل فيصلي ، وما يشعر به الزوار. وكان لقمان يقول لابنه : يا بني لا تكن أعجز من هذا الديك يصوت بالليل (١).
قوله تعالى : (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً) [٨] قال : اقرأ بسم الله الرحمن الرحيم في افتتاح صلاتك توصلك بركة قراءتها إلى ربك ، وتقطعك عن كل ما سواه.
قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) [٩] أي كفيلا بما وعدك من المعونة على الأمر ، والعصمة عن النهي ، والتوفيق للشكر ، والصبر في البلوى ، والخاتمة المحمودة. ثم قال : في الدنيا الجنة والنار ، فالجنة والعافية أن تولي الله أمرك ، والنار البلوى ، والبلوى أن يكلك إلى نفسك. قيل : فما الفرج؟ قال : لا تطمع في الفرج وأنت ترى مخلوقا ، وما من عبد أراد الله بعزم صحيح إلا زال عنه كل شيء دونه ، وما من عبد زال عنه كل شيء دونه إلا حق عليه أن يقوم بأمره ، وليس في الدنيا مطيع لله وهو يطيع نفسه ، ولا يتباعد أحد عن الله إلا بالاشتغال بغير الله ، وإنما تدخل الأشياء على الفارغ ، وأما من كان مشغول القلب بالله لم تصل إليه الوسوسة وهو في المزيد أبدا ، واحفظ نفسك بالأصل. قيل له : ما هو؟ قال : التسليم لأمر الله ، والتبري ممن سواه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) شعب الإيمان ٥ / ٤١ (رقم ٥٦٩٨).