السورة التي يذكر فيها الحجر
قوله تعالى : (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) [٣] قال : إذا اجتمعت أربعة في عبد قيل له : إنك لن تنال شيئا من هذا الأمر ، إذا أحب أن يأكل شيئا طيبا ، ويلبس ثوبا لينا ، وينفذ أمره ، ويكثر شيئه يقال : هيهات هذا الذي قطع الخلق عن الله تعالى. وقد حكي أن الله أوحى إلى داود عليهالسلام : حذر وأنذر أصحابك أكل الشهوات ، فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها عني محجوبة (١). وقال سهل : الأمل أرض كل معصية ، والحرص بذر كل معصية ، والتسويف ماء كل معصية ، والقدرة أرض كل طاعة ، واليقين بذر كل طاعة ، والعمل ماء كل طاعة. قال : وكان سهل يقوى على الوجد سبعين يوما لا يأكل فيها طعاما ، وكان يأمر أصحابه أن يأكلوا اللحم في كل جمعة مرة ، كيلا يضعفوا عن العبادة ، وكان إذا أكل ضعف ، وإذا جاع قوي ، وكان يعرق في البرد الشديد في الشتاء وعليه قميص واحد ، وكان إذا سألوه عن شيء من العلم يقول : لا تسألوني فإنكم لا تنتفعون في هذا الوقت بكلامي. وفد عباس بن عصام يوما وهو يقول : أنا منذ ثلاثين سنة أكلم الله ، والناس يتوهمون أني أكلمهم (٢).
قوله تعالى : (إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) [٤٠] قال : الناس كلهم أموات إلا العلماء ، والعلماء كلهم نيام إلا العاملين ، والعاملون كلهم مغترون إلا المخلصين ، والمخلصون على خطر عظيم. قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) [٧٢] أي في جهلهم وضلالتهم يعصون ، واعلم أن المعاصي كلها منسوبة إلى الجهل ، والجهل كله منسوب إلى السكر ، ويقال هو نفس المسكر.
قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) [٧٥] قال : يعني المتفرسين ، وقد روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله ثم قرأ : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ) [٧٥]» (٣) ، ومعناه المتفسرون في السرائر وهو كما قال
__________________
(١) الحلية ٥ / ٣٨٢.
(٢) انظر مثل هذا القول في صفوة الصفوة ٣ / ١٨٣.
(٣) نوادر الأصول ٣ / ٨٦ ؛ وكشف الخفاء ١ / ٤٢ ـ ٤٣ ؛ والمعجم الكبير ٨ / ١٠٢ ؛ والمعجم الأوسط ٣ / ٣١٢ ، ٨ / ٢٣.