عمر رضي الله عنه لسارية (١) : «الجبل الجبل» (٢).
قوله : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) [٨٥] قال : حكى محمد بن الحنفية عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى : (فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) [٨٥] قال : هو الرضا بلا عتاب (٣). وقال سهل : بلا حقد ولا توبيخ بعد الصفح ، وهو الإعراض الجميل.
قوله تعالى : (الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) [٩١] قال : ظاهر الآية ما عليه أهل التفسير وباطنها ما أنزل الله تعالى من أحكامه في السمع والبصر والفؤاد وهو قوله تعالى : (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) [الإسراء : ٣٦] فأعرضوا عن العمل به ميلا إلى دواعي نفس الطبع. قوله تعالى : (فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [٩٢] قال : هذه الآية فيها خصوص فإن من هذه الأمة من يحشر من القبر إلى الجنة لا يحضر الحساب ولا يشعر بالأهوال وهم الذين قال الله تعالى : (أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) [الأنبياء : ١٠١] وقد قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن أولياء الله يخرجون من قبورهم إلى الجنة لا يقفون للحساب ولا يخافون طول ذلك اليوم ، أولئك هم السابقون إلى الجنة (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [المائدة : ١١٩]».
قوله تعالى : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) [٩٤] أي أظهر القرآن في الصلاة بما أوحينا إليك. قيل : ما الوحي؟ قال : المستور من القول ، قال الله تعالى : (يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ) [الأنعام : ١١٢] أي يسر بعضهم إلى بعض وقد يكون بمعنى الإلهام كما قال تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النحل : ٦٨] يعني ألهم النحل.
قوله : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ (٩٧) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) [٩٧ ، ٩٨] أي صلّ لله تعالى واذكره ، فكأن الله تعالى قال له : إن ضاق صدرك بقرب الكفار بكذبهم ، بما وصفوا لك من الضد والند والشريك بجهلهم وحسدهم ، فارجع إلى مشاهدتنا وقربنا بذكرنا ، فإن قربك فينا ، وسرورك بذكرنا ومشاهدتنا ، واصبر على ذلك ، فإن رضاي فيك. وقد حكي أن موسى عليهالسلام قال : إلهي دلني على عمل إن أنا عملته نلت به رضاك. قال : فأوحى إليه : يا ابن عمران ، إن رضاي في كرهك ولن تطيق ذلك. قال : فخر موسى عليهالسلام ساجدا باكيا ، وقال : إلهي خصصتني منك بالكلام ، فلم تكلم بشرا قبلي ، ولم تدلني على عمل أنال به رضاك. فأوحى الله تعالى إليه : إن رضاي في رضاك بقضائي.
__________________
(١) سارية بن زنيم الدؤلي (... ـ نحو ٣٠ ه) : صحابي ، من الشعراء ، القادة ، الفاتحين. كان من العدائين ، جعله عمر أميرا على جيش ، وسيره إلى بلاد فارس ، ففتح بلادا ، منها : أصبهان. (الأعلام ٣ / ٦٩ ـ ٧٠).
(٢) كشف الخفاء ٢ / ٥١٤ ـ ٥١٥ ؛ وفضائل الصحابة ١ / ٢٦٩ ؛ والإصابة ٣ / ٥ ، ٦.
(٣) قوت القلوب ١ / ٣٩٣.