السورة التي يذكر فيها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) [٧] قال : يعني أهل الفهم عن الله ، والعلماء بالله وبأوامره وبأيامه. قيل : صفهم لنا. قال : العلماء ثلاثة : عالم بالله لا بأمر الله ولا بأيام الله ، وهو عامة المؤمنين ؛ وعالم بالله وبأمر الله لا بأيام الله ، وهم العلماء ؛ وعالم بالله وبأمر الله وبأيام الله ، وهم النبيون والصديقون (١).
قوله تعالى : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) [١٠] قال : يعني العمل بما فيه حياتكم (٢). قوله : (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [٢٧] قال : إن الله تعالى جعل الكرامات كلها للمتقين من عباده ، ثم للمبتدئين ، ووصفهم فقال : (لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ) [٢٧] أي لا اختيار لهم مع اختياره ، (وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) [٢٧] وهو اتباع السنة في الظاهر ، ومراقبة الله في الباطن.
قوله : (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [٣٥] قال : الشر متابعة النفس والهوى بغير هدى ، والخير العصمة من المعصية والمعونة على الطاعة.
قوله تعالى : (وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) [٨٣] قال : الضر على وجهين : ضر ظاهر وضر باطن ؛ فالباطن حركة النفس عند الوارد واضطرابها ، والظاهر إظهار ما في السر من ذلك ، فمتى احتل الضر الباطن سكن الظاهر عن إظهاره وصبر على الآلام ، وإذا تحرك الباطن تحت الوارد انزعج الظاهر بالصياح والبكاء ، فكان شكواه إلى الله عزوجل كي يعطي المعونة على رضا قلبه بالوارد ، وذلك أن القلب إذا كان راضيا بأمر الله لم يضر العبد ما فعلت جوارحه ، ألا ترى إلى بكاء النبي صلىاللهعليهوسلم حين مات ابنه إبراهيم كيف بكى عليه رحمة له بطبع البشرية ، فلم يضره ما فعلت جوارحه ، لأن قلبه كان راضيا به.
__________________
(١) نسب القول للمسيح عليهالسلام في نوادر الأصول ٤ / ١٠١.
(٢) تفسير القرطبي ١١ / ٢٧٣.