ويذكرون ربهم بالغداة والعشي في بيوته الطيبة ، ويدعونه بألسنتهم رغبا ورهبا ويسألونه بأيديهم خفضا ورفعا ، ويشتاقون إليه بقلوبهم عودا وبدءا ، مؤونتهم على الناس خفيفة وعلى أنفسهم ثقيلة ، يدبون على الأرض بأقدامهم دبيب النمل بغير فرح ولا بذخ ولا ميل» (١) ، الحديث بطوله.
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) [٢٩] قال : باطن الآية جميع الجوارح الظاهرة والباطنة يحفظونها عن ظهور آثار نفس الطبع عليها.
(وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ) [٣٢] قال : باطنها أمانة النفس ، لأنها سر الله عند عباده ، يسارّهم بمعلومه فيها خواطرا وهمما ، ويسارّونه بالافتقار واللجأ إليه ، فإذا سكن القلب إلى ما خطر عليه من وسوسة العبد وبأدنى شيء ظهر إلى الصدر ، ومن الصدر إلى الجسد ، فيكون قد خان في أمانة الله ، وعهده والإيمان.
(وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ) [٣٣] قال : قائمون بحفظ ما شهدوا به من شهادة أن لا إله إلا الله ، فلا يقعدون عنها في شيء من الأفعال والأقوال والأحوال ولا يفترون.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها نوح عليهالسلام
قوله تعالى : (وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) [٧] قال : الإصرار على الذنب يورث الجهل ، والجهل يورث التخطي في الباطل ، والتخطي في الباطل يورث النفاق ، والنفاق يورث الكفر.
قيل : وما علامة المنافق؟ قال : يبصر الشيء عند مذاكرته ، فإذا قام من عنده كأنه لم يخطر على قلبه ، قال الله تعالى : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) [البقرة :٢٠].
قوله تعالى : (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) [٢٥] قال : أغرقوا في الحيرة عن الهدى ، فأدخلوا نارا ، فأوجب الله عليهم الهوان ، وأنزلهم دار الشقاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٩ ؛ وشعب الإيمان ١ / ٤٧٨.