السورة التي يذكر فيها الحاقة
قوله تعالى : (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ) [١ ـ ٢] قال : إن الله تعالى عظّم حال يوم القيامة بما فيها من الشدة بإدخال الهاء فيها ، ومعناها اليوم الذي يلحق كل أحد فيه بعمله من خير أو شر.
وقال عمر بن واصل : معناها : يحق فيه جزاء الأعمال لكل طائفة.
قوله عزوجل : (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ) [١٧] قال : يعني ثمانية أجزاء من الكروبيين لا يعلم عدتهم إلا الله. وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الله أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش رجلاه في الأرض السفلى وعلى قرنه العرش بين شحمة أذنيه إلى عاتقه خفقان الطائر سبعمائة سنة يقول ذلك الملك سبحان الله حيث كنت» (١).
قوله تعالى : (يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ) [١٨] قال : أي تعرضون على الحق عزوجل ، فيحاسبكم بأعمالكم ، لا يخفى عليه من أعمالكم شيء ، كل ذلك معروف محصي عليكم في علمه السابق ، فيسأله عن جميع ذلك ، يعني يسأله فيقول له : ألم تكن عارفا بالساعات من أجلي؟ ألم يوسع لك حتى في المجالس من أجلي؟ ألم تسألني أن أزوجك فلانة أمتي أحسن منك فزوجناكها؟ فهذا سؤال نعمه عليك فكيف سؤاله عن معصيته. وقد حكي عن عتبة الغلام (٢) أنه قال : إن العبد المؤمن ليوقف بين يدي الله تعالى بالذنب الواحد مائة عام.
قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [١٩] أي فيقول : هاكم اقرؤوا كتابي بما فيه من أنواع الطاعات. ويقال لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) [٢٤] يعني صوم رمضان وأيام البيض من كل شهر. وقد جاء في الحديث : «أنه يوضع للصوام يوم القيامة موائد يأكلون عليها والناس في الحساب ، فيقال : يا رب ، الناس في الحساب وهم لا يأكلون. فيقال لهم : إنهم طالما صاموا في الدنيا وأفطرتم ، وقاموا ونمتم».
__________________
(١) مجمع الزوائد ١ / ٨٠ ؛ والمعجم الأوسط ٢ / ١٩٩ ، ٦ / ٣١٤.
(٢) عتبة الغلام : عتبة بن أبان بن صمعة الأنصاري ، من زهاد أهل البصرة وعبادهم. جالس الحسن البصري ، وأخذ عنه هديه في التقشف. وسمي بالغلام لجده واجتهاده ، لا لصغر سنه. (مشاهير علماء الأمصار ص ١٥٢ ؛ وصفوة الصفوة ٣ / ٣٧٠).