السورة التي يذكر فيها المدثر
صلىاللهعليهوسلم
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ) [١ ـ ٢] قال : يا أيها المستغيث من إعانة نفسك على صدرك وقلبك ، قم بنا وأسقط عنك ما سوانا ، وأنذر عبادنا لأنا قد هيأناك لأشرف المواقف وأعظم المقامات. (وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) [٤] قال : أي لا تلبس ثيابك على معصية ، فطهره عن حظوظك واشتمل به ، كما حكت عائشة رضي الله عنها أنها قالت : (كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم خميصة ، فأعطاها أبا الجهم وأخذ إنبجانيته. فقيل : يا رسول الله ، إن الخميصة خير من الإنبجانية. فقال : «إني كنت أنظر إليها في الصلاة») (١).
قوله تعالى : (وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً) [١٢] قال : يعني الوليد بن المغيرة (٢) ، جعلت له الحرص وطول الأمل.
قوله تعالى : (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) [٥٦] قال : يعني هو أهل أن يتقى فلا يعصى ، وأهل المغفرة لمن يتوب. والتقوى هو ترك كل شيء مذموم ، فهو في الأمر ترك التسويف ، وفي النهي ترك الفكرة ، وفي الآداب مكارم الأخلاق ، وفي الترغيب كتمان السر ، وفي الترهيب اتقاء الوقوف عند الجهل. والتقوى هو التبري من كل شيء سوى الله ، فمن لزم هذه الآداب في التقوى فهو أهل المغفرة. وقد حكي أن رجلا أتى عيسى ابن مريم عليهالسلام فقال : يا معلم الخير كيف أكون تقيا كما ينبغي؟ قال : بيسير من الأمر ، تحب الله بقلبك كله ، وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت ، وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك. قال : من جنسي يا معلم الخير؟ قال : ولد آدم ، فما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد (٣).
والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) مسند أحمد ٦ / ٤٦ ؛ ومسند إسحاق بن راهويه ٢ / ١٣٧.
(٢) الوليد بن المغيرة بن عبد الله المخزومي (٩٥ ق. ه ـ ١ ه) : من قضاة العرب في الجاهلية ، ومن زعماء قريش ، ومن زنادقتها. أدرك الإسلام ولم يسلم. (الأعلام ٨ / ١٢٢).
(٣) جامع العلوم والحكم ص ١٨١.