وبينه قرابة ، والعقبة الأخرى : المعرفة لا يقدر العارف عليها إلا بحول الله وقوته على عتق رقبة نفسه عن الهوى ، (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ) [١٤] ضرورة الإيمان قواما ، لا ظلما وطغيانا بلذة نفس الطبع.
(يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) [١٥] فاليتيم هاهنا القلب ، طعامه الوفاء ، والمسكين العارف المتحير ، فطعامه ألطافه ذا مقربة عند الله وعند الخلق (ذا مَتْرَبَةٍ) [١٦].
قوله تعالى : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) [١٧] قال : يعني بالصبر على أمر الله ، والتراحم بين الخلق.
وقد سئل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ما الإسلام؟ فقال : «الصبر والسماح. فقيل : ما الإيمان؟ فقال : طيب الكلام وإطعام الطعام» (١). قال سهل : وأطيب الكلام ذكر الله تعالى.
(أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) [١٨] قال : يعني الميامنين على أنفسهم من أهوال ذلك اليوم ، لا يحسون بدونه ، كما كانوا في الدنيا حياة بحياة ، وأزلية بأزلية ، وسرا بسر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
السورة التي يذكر فيها الشمس
قوله تعالى : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها) [٣] قال : يعني نور الإيمان يجلي ظلمة الجهل ، ويطفئ لهيب النار.
(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) [٤] قال : يعني الذنوب والإصرار عليها يغشى نور الإيمان ، فلا يشرق في القلب ، ولا يظهر أثره على الصفات ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الهوى والشهوة يغلبان العلم والعقل» (٢) والبيان ، لسابق القدرة من الله عزوجل.
قوله تعالى : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها) [٩] قال : أفلح من رزق النظر في أمر معاده.
(وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) [١٠] قال : خسرت نفس أغواها الله عزوجل ، فلم تنظر في أمر معاده.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
__________________
(١) في اعتقاد أهل السنة ٤ / ٨٤٦ : (قيل للحسن : ما الإيمان؟ قال : الصبر والسماح. قال : الصبر عن محارم الله ، بفرائض الله).
(٢) تقدم الحديث في تفسير سورة البقرة ، والآية (٢٦) من سورة ص ، وهو من قول الحارث بن أسد في الحلية ١٠ / ٨٨.