السورة التي يذكر فيها طه عليهالسلام
قوله تعالى : (فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى) [٧] قال : أخفى من السر ما لم يفكره العبد فيه وهو مفكره نوما.
قوله تعالى : (وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى) [١٨] قال : أول من ملك العصا آدم ، وهي من آس الجنة ، ثم انتقلت من نبي إلى نبي حتى صارت إلى شعيب ، فلما زوجه بنته أعطاها إياه ، فكان موسى عليهالسلام يتوكأ عليها ، ويهش بها على غنمه ، وينثر الورق إلى غنمه ، ثم يأخذ بها من الشجر ما يريد ، ويرسلها على السباع والوحوش وهوام الأرض فيضربها. وإذا اشتد الحر نصبها في الأرض فتكون كالظلة ، وإذا نام حرسته حتى يستيقظ ، وإذا كانت له ليلة مظلمة أضاءت له كالسراج ، وإذا كان يوم غيم وغم عليه وقت الصلاة بينت له بشعاع طرفها ، وإذا جاع غرزها في الأرض فأثمرت من ساعتها ، فهذه مآرب عصاه (١). فقد ذكر موسى عليهالسلام من العصا منافع ومآرب ظهرت له ، فأراد الله تعالى مآرب ومنافع كانت خافية عليه ، كانقلابها ثعبانا ، وضربها بالحجر لتنجاش عيون الماء ، وضربها بالبحر وغير ذلك ، فأراه أن علوم الخلق ، وإن كانوا مؤيدين بالنبوة ، قاصرة عن علم الحق بالأكوان.
قوله تعالى : (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [٣٩] قال : أظهر الله عليه ميراث علمه قبل العمل ، فأورثه محبة في قلوب عباده ، لأن من القلوب قلوبا تثاب قبل الفعل ، وتعاقب قبل الرأي ، كما يجد الإنسان في نفسه فرحا لا يعرف سببه ، وغما لا يعرف سببه.
قوله تعالى : (وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً) [٤٠] أي فتنا لنفسك الطبيعية وبيناها حتى لا تأمن مكر الله.
قوله تعالى : (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) [٤١] أي تفرد إلي بالتجريد لا يشغلك عني شيء.
قوله : (وَلا تَنِيا فِي ذِكْرِي) [٤٢] أي لا تكثر الذكر باللسان ، وتغفل عن مراقبة القلب.
__________________
(١) تفسير القرطبي ١١ / ١٨٧ ؛ وكتاب التاريخ لابن حبيب ٥٦ ، وخرج محققه الخبر من تاريخ الطبري ١ / ٤٦٤ ؛ والكامل لابن الأثير ١ / ١٧٩ ؛ والبداية والنهاية ١ / ٢٤٧.