وقال : كانت قلوبهم أعز عليهم من أن يروا فيها شيئا غير الله عزوجل ، فإن الله لما خلق القلب قال : «خلقتك لي خاصة» ، فهذه القلوب جوالة ، إما تجول حول العرش ، وإما تجول في الحش.
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) [٨٣] قال : تزعجهم بالمعاصي إزعاجا ، وتدعوهم إليها بما تهوى أنفسهم بترك عصمة الله ، كما قال تعالى في قصة اللعين : (وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي) [إبراهيم : ٢٢] ودعاؤه على مقامات فقد يكون إلى الشر ، وقد يكون إلى الخير ، كما قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «إن الشيطان ليورد أحدكم سبعين بابا من الخير ليوقعه في باب من الشر فيهلكه» قال : وإن اللعين يوسوس إلى جميع أهل العبادات وأصحاب الجهد ، ولا يبالي منهم إلا من لا يدخل في شىء ، حتى يعلم أنه له أو عليه ، وإنما وقع المغاليط للعباد والزهاد في العلم لا في الاجتهاد ، فلم يكن لهم حال يعرفونها فيما بينهم وبين ربهم ، فإن الله تعالى إذا حاسب العبد يوم القيامة فكل فعل عرف صاحبه حاله فيه من طاعة أو معصية ثبت عقله له ، وما جهل فيه حاله تحير ودهش لذلك لأنه إذا عرف حاله صحت الطاعة والتوبة بحجة الله ، وإذا لم يعرف يتحير ويدهش لأنه عمل بغير حجة.
وسئل سهل عن رجل يذكر الله فيخطر بقلبه : إن الله معك. قال : هو مكلف ثالث ، إما أن يكون عدوا فيريد أن يقطعه ، وإما أن يكون ذلك نفسه تريد أن تخونه وتخدعه ، فلا يلتفتن إلى الخواطر في هذه الحال ، والله سبحانه وتعالى أعلم.